في هذه الصفحة ستتعرف على مشاريع أطباء بلا حدود التي اتخذت خطوات لإدماج الأشخاض من ذوي الإعاقة، ولدينا حتى الآن مثال من سوازيلاند، لكننا متحمسون جداً لنسمع منكم المزيد
مقابلة مع أعضاء ’مجموعة عمل التنوع والإدماج‘ في منظمة أطباء بلا حدود - المملكة المتحدة: إليزابيث ستودل، مسؤولة الرعاية والحملات؛ روميليا أنتوني، مديرة المكتب؛ باتريك ماكونل، مدير الموارد البشرية الميدانية؛ إيان بيلي، شريك عمل أول للموارد البشرية. تركز المقابلة على أهمية التنوع والإدماج ومشاركة القاعدة الشعبية لتحفيز التغيير، وتتناول الأفكار الجديدة التي من شأنها دعم وإغناء عملية الإدماج في مكاتب أطباء بلا حدود وسياساتها
برج البراجنة هو مخيم للاجئين في جنوب بيروت بلبنان. أنشئ المخيم قبل نحو 70 عاماً من قبل رابطة جمعيات الصليب الأحمر كاستجابة لتدفق اللاجئين الفلسطينيين. ومن حينها تزايد عدد سكان المخيم بشكل مطرد مع وصول لاجئين من سوريا ومصر والعراق ومهاجرين لبنانيين. واليوم تعتبر منطقة برج البراجنة المنطقة الأكثر كثافة سكانية في بيروت، حيث يعيش أكثر من 18 ألف شخص في مساحة كيلومتر مربع واحد. وتقدم أطباء بلا حدود هناك رعاية الصحة النفسية والصحة الإنجابية إضافة إلى أنشطة التثقيف الصحي للمرضى الذين يواجهون تجارب صادمة أو ظروفاً معيشية صعبة وعوائق أمام الحصول على الخدمة الطبية. وتعتبر العوائق أمام الحصول على الرعاية الصحية في المخيم جسيمة بشكل خاص أمام ذوي الإعاقة، حيث يعاني الكثير من اللاجئين من أمراض مزمنة وحركة محدودة وإصابات ناجمة عن النزاعات، ومشاكل صحة نفسية. وللاستجابة لهذه الاحتياجات، اختارت أطباء بلا حدود إدماج ذوي الإعاقة كأحد الأهداف الاستراتيجية لبناء مركزها الأسري الجديد في برج البراجنة
حين واجه مشروع أطباء بلا حدود القائم في سوازيلاند نقصاً في السمع لدى 40 بالمئة من المرضى المصابين بالسل الملقاوم للأدوية نتيجةً للعلاج، استجاب المشروع من خلال توفير بيئة تدمج المرضى الذين يعانون من نقص في السمع. وقد حققت الفوائد طويلة الأمد لهذه الخطوات أثراً إيجابياً على إمكانية الحصول على الرعاية الصحية بشكل عام بالنسبة للصم في سوازيلاند
على الرغم من أن الخطوات التي اتخذها هذا المشروع تعتبر جهوداً ذات نطاق محدود أكثر من كونها جهوداً تركز على الإدماج بشكل أوسع كما نشجع عليه من خلال مشروع القدرة الاستثمارية التحويلية، إلا أن ثمة جوانب عدة تجعل من تجربتهم ذات أهمية بالغة كما هو واضح في النص أدناه. تابع القراءة للتعرف على كيفية تطوير هذا المشروع والدروس التي يمكن أن يقدمها
مقابلة مع أعضاء ’مجموعة عمل التنوع والإدماج‘ في منظمة أطباء بلا حدود - المملكة المتحدة: إليزابيث ستودل، مسؤولة الرعاية والحملات؛ روميليا أنتوني، مديرة المكتب؛ باتريك ماكونل، مدير الموارد البشرية الميدانية؛ إيان بيلي، شريك عمل أول للموارد البشرية. تركز المقابلة على أهمية التنوع والإدماج ومشاركة القاعدة الشعبية لتحفيز التغيير، وتتناول الأفكار الجديدة التي من شأنها دعم وإغناء عملية الإدماج في مكاتب أطباء بلا حدود وسياساتها
ما الذي ألهمكم وحفّزكم للشروع في العمل على الإدماج في مكتب أطباء بلا حدود - المملكة المتحدة؟
إليزابيت ستودل: أعتقد بأننا كنا نتبع سياسة إدماج معقولة في الأساس، لكن حين شاركنا في دورة تدريبية حول التنوع والإدماج نظمها مركز عمليات أمستردام، أدركنا فجأة إمكانية تحسين العديد من الأمور. فقد تصدر موضوع التنوع والإدماج اهتمام الناس بعد الدورة التدريبية التي شجّعت طواقمنا على التعبير عما يجول في خاطرهم حول المجالات التي تحتمل تعزيز عملية الإدماج فيها
كيف تنظمون عملكم بخصوص مسائل التنوع والإدماج؟
إليزابيت ستودل: بدأنا نعقد تدريبيات ربع سنوية حول التنوع والإدماج. كما أن تزايد أعداد الطواقم التي تحضر هذه التدريبات قد أتى بمزيد من المقترحات التي تُطرّح خلال ورش العمل هذه وتقدم أفكاراً عملية لتعزيز التنوع والإدماج بحق في مكتبنا. لم يكن لديناً سابقاً قناة لتلقّف هذه الأفكار أو أناسٌ ليعملوا على بلورتها. ولهذا قامت مجموعة صغيرة ممن حضروا التدريب وتحمسوا للموضوع بإنشاء ’مجموعة عمل‘ تقوم بشكل فعلي على قاعدة شعبية وتضم 20 إلى 30 عضواً. نحاول تمثيل كافة الأقسام وتعزيز مشاركة أعضاء من مختلف القواعد، بدءاً بالفريق الإداري وانتهاءً بالطواقم الميدانية. وقد أخذنا الأفكار التي تلقينا بعد التدريبات وبدأنا بالاعتماد عليها من أجل تحفيز عملية التغيير. لا نريد الإيحاء بأن مجموعة العمل قادرة لوحدها على إدخال كل هذه التغييرات، إنما نسعى إلى توعية الناس الذين يملكون فعلاً القدرة على التغيير
روميليا أنتوني: لقد قدمت مجموعة العمل منصة رائعة للحوار والنقاش. فقبل بدء الدورات التدريبية وإنشاء المجموعة، لم يكن هناك حوار حقيقي حول التنوع والإدماج. لكنها أضحت اليوم جانباً مهماً من أسلوب عملنا وماهية منظمتنا
.مجموعة العمل تعتمد إذاً على مشاركة القاعدة الشعبية بدلاً من اتباع أسلوب الإدارة ’من القمة إلى القاعدة‘
إليزابيت ستودل: تماماً. حتى أن المتطوعين من مجموعة العمل هم من يشرف على التدريبات. يمكن لأيٍّ كان أن يتقدم للإشراف على التدريبات، ولدينا شروط مرجعية في هذا الخصوص، كما أننا نشجع الناس على المحاولة وعلى تعزيز إسهاماتهم في حركة أطباء بلا حدود.
كيف يمكن لأحدهم أن يصبح منسقاً أو مشرفاً على التدريبات؟
إليزابيت ستودل: شارك المشرفون الأصليون في دورة خاصة بالمدربين انعقدت في أمستردام، وهي عبارة عن مرحلة مكثفة جداً تركز على إعداد المدربين ليكونوا متيقظين ومدركين لما قد يقوله الناس وما قد يشعرون به، إذ يمكن أن يأخذ التدريب طابعاً شخصياً وحساساً، ولا بد أن نراعي هذه الأمور. لكننا سننظم خلال الأشهر المقبلة دورةً خاصةً بتهيئة مدربين جدد هنا في لندن. إذ لا بد للمدربين الجدد الخضوع لدورات تدريبية في هذا الخصوص، لكننا نريد لجميع طواقم المكتب المهتمة والشغوفة بهذا الموضوع أن تحظى بهذه الفرصة.
هل دوراتكم التدريبية المعنية بالتنوع والإدماج محصورة في طواقم أطباء بلا حدود - المملكة المتحدة أم أنها تستقبل كذلك الزملاء من باقي الأقسام؟
إليزابيت ستودل: تعتبر مشاركة زملاء من خارج أطباء بلا حدود - المملكة المتحدة فكرةً جديدة. فقد انضم إلى آخر دورة تدريبية أجريناها أحد زملائنا من أطباء بلا حدود - اليونان، وهذا ما شجع أطباء بلا حدود - اليونان على تنفيذ ورشة عمل خاصة بهم حول التنوع والإدماج. وهنا أدركنا فجأة بأننا نمتلك وسيلة بسيطة وفعالة لنشر الفكرة وإلهام الأقسام الأخرى. ولهذا فقد قررنا بأننا سنحجز في كل دورة تدريبية مقعداً مخصصاً لأحد أفراد طواقم المكاتب الأخرى أو الطواقم الميدانية. قد لا تكون كافة الموضوعات المطروحة تهمهم، خاصةً وأن التدريبات تتمحور حول مكتب المملكة المتحدة، إلى أن مشاركتهم فيها قد تلهمهم لتنظيم دروات تدريبية خاصة بهم مصممة خصيصاً لتناسب سياقهم المحلي
هل تجدون رابطاً بين تعزيز الإدماج في مكاتبنا وتعزيزه في الميدان؟
باتريك ماكونل: نتفهّم الفوارق بينهما، لكننا إذا ما نظرناً إلى أعماق الموضوع فسنجد بأن الحافز هو ذاته بالنسبة للميدان والمكتب. ونريد هذا العام من خلال خطتنا السنوية أن نبرز موضوع التنوع والإدماج بشكل أكبر في أنشطتنا وألا يقتصر على أعمالنا اليومية وفي إطار إجراءات التوظيف، بل أيضاً من خلال مختلف الدورات التدريبية: التدريبات القيادية، و’أيام الترحيب‘ التي تشمل التعريف والإرشاد، وغيرها من الملتقيات التي من شأنها تعزيز الوعي. نريد أن نمنح طواقمنا الميدانية وسائل تمكنهم من تحفيز التغيير وحمل هذه الرسالة إلى سياقات عملهم والإسهام في التنوع والإدماج على الصعيد الميداني
هل يمكن لهذا التركيز المتزايد على العاملين الميدانيين بوصفهم محفزاً على التنوع والإدماج أن يتجسد في تغييرات تطال عملية توظيف الطواقم الميدانية؟ وهل نحن مستعدون لتعزيز عملية الإدماج على هذا الصعيد؟
باتريك ماكونل: ثمة حاجةٌ إلى مراجعة إجراءاتنا وأنشطتنا كي نكوّن فكرةً أفضل عن ممارسات الإدماج وما هو مجدٍ ومثالي، وكي ندرس عملة التوظيف في إطار التنوع والإدماج. وباعتبارنا مسؤولين عن توظيف العاملين، فقد خضعنا لدورات تدريبية حول التحيز اللاواعي، لكننا نريد مراجعة آليات تطبيق هذه المعارف من الناحية العملية. وبإمكاننا دون شك الاستفادة مما نقوم به أساساً في لجنة التنوع والإدماج من أجل تحسين عملية التوظيف
ماذا بشأن منظور التنوع والإدماج في إطار توظيف طواقم المكتب وكذلك من منظور الموارد البشرية بشكل عام؟
إيان بيلي: ثمة فجوات في هذا المجال لكن هناك أيضاً فرصٌ تسمح بإدخال تحسينات. فعملية التوظيف التي نتبعها لا تتم بإخفاء هوية المتقدمين للعمل، وبالتالي قد نقع في فخ التحيز اللاواعي في مرحلة اختيار المرشحين النهائيين. كما نفتقر إلى أية سياسة رسمية من شأنها وضع لجان مقابلات تحقق توازناً بين عدد الرجال والنساء. يتلقى مدراؤنا تدريبات تؤهلهم لإجراء المقابلات لكن هذه التدريبات ليست إلزامية، علماً أن اعتمادها بشكل إلزامي قد يسدّ هذه الفجوة. كما أن الحرص على مشاركة جميع القادمين الجدد في تدريبات التنوع والإدماج من شأنه أن يعزز فهم هذه السياسة وتطبيقها. يمكننا أيضاً أن نحسن فرص التعلم والارتقاء المهني التي نوفرها أمام جميع أفراد الطاقم، لكننا نفتقر إلى معايير تضمن حصول جميع الفئات عليها بالتساوي. وهنا يمكننا إجراء تعديلات بسيطة تقدم حلولاً سريعة كأن ننظم التدريبات في أوقات تتيح حضور العاملين بدوام جزئي أو الحرص على انعقادها في مواقع يسهل على ذوي الإعاقة الوصول إليها
ما الذي يلزم لإدخال تعديلات معقولة على إجراءات التوظيف وفقاً لآلية أكثر منهجية؟
إيان بيلي: تسأل منظمة أطباء بلا حدود أساساً المرشحين النهائيين إن كانوا بحاجة إلى أية تعديلات خاصة معقولة قبل إجراء المقابلة. لكن بوسعنا أن نفعل أكثر من هذا بكثير. فقد عمل قسم الموارد البشرية مؤخراً مع جميعة ليونارد تشيشر، التي تعد من أهم الجمعيات الخيرية المعنية بذوي الإعاقة في المملكة المتحدة، وذلك في المرحلة التي تسبق قبول متدربين من ذوي الإعاقة للعمل خلال أشهر الصيف. فقد شاركنا في نشاط تقييمي لتوظيف المتدربين، ونطمح إلى اعتماد الدورس التي تعلمناها في إطار ممارساتنا الحالية، حيث سيمكننا هذا من إدخال تعديلات معقولة بطريقة أكثر منهجية وبكلفة بسيطة. كما أن آراء وملاحظات زملائنا من ذوي الإعاقة خلال مقابلات نهاية الخدمة قد تساعدنا مستقبلاً في تحسين ممارساتنا وتغييرات سياساتنا بحيث نضمن إدخال تعديلات معقولة في هذا الخصوص. يمكننا أيضاً أن نطلب من المعيّنين حديثاً تقديم آرائهم وملاحظاتهم خلال المرحلة التوجيهية
هلا تتضمن أولويات مكتبكم أية مواضيع محددة في إطار التنوع والإدماج، أو أية احتياجات ملحة لا بد من تلبيتها؟
روميليا أنتوني: الإعاقة هي من بين هذه المواضيع. فقد أجرينا العام الماضي عملية تدقيق بخصوص الإعاقة في مكتبنا، حيث خلصت إلى عدد من التوصيات والمقترحات في هذا الخصوص. ونعمل حالياً على دراستها، كما نخطط إلى إنجاز كل ما يمكن إنجازه هذا العام كي نعزز من إمكانيات وقدرات مكتبنا على إدماج ذوي الإعاقة على اختلاف أنواعها. سنواجه تحديات في الأبنية الأقدم وتحديداً في لندن، لكننا سنحاول أن نجعلنا من مكان عملنا مكاناً يناسب ذوي الإعاقة قدر الإمكان
إليزابيث ستودل: نركز أيضاً على موضوع الإدماج الاجتماعي الاقتصادي، إذ نسعى لأن نسهل إمكانية عمل أي شخص مع أطباء بلا حدود، بغض النظر عن البيئة التي يأتون منها
ما الذي تغير في بيئة عملكم منذ انطلاق جهود الإدماج؟ وهل تحققت أية إنجازات تودون مناقشتها أو إطلاعنا عليها؟
إليزابيث ستودل: نجري استطلاعاً سنوياً نسعى من خلاله للحصول على آراء وملاحظات الطواقم. ويتضمن الاستطلاع سؤالاً عن مدى شعورهم بأنهم مُمثَّلون من حيث التنوع والإدماج في المكتب. وقد رأينا تحسناً ملحوظاً في هذا الإطار. فقد حققت الفعاليات التخصصية التي تتناول مواضيع محددة نجاحاً جيداً ويمكن أن نعتمدها بسهولة في أماكن أخرى. فقد نظمنا عدة فعاليات على غرار شهر تاريخ السود وشهر تاريخ المرأة وفعاليات تركز على صحة مثليي الجنس ومزدوجي التوجه الجنسي والمتحولين جنسياً وصحة الرجال، وقد شهدت هذه الفعاليات مشاركة واسعة، كما أنها عززت من عدد المقترحات التي تتقدم بها الطواقم بخصوص التنوع والإدماج في المكتب. ورغم عدم اهتمام كافة الأشخاص بجميع المواضيع، إلا أنها حفزت على طرح أفكار تتناول أموراً أخرى
روميليا أنتوني: تأسست مجموع التنوع والإدماج منذ حوالي عشرة أشهر، علماً أن مشاركتنا فيها تأتي إلى جانب باقي مهامنا اليومية الأخرى، ولهذا لا بد أن نكون واقعيين حول كمّ الوقت الذي يمكننا أن نخصصه ومدى العمل الذي يمكننا إنجازه. فبعد مرحلة اختبارية تكوّنت لدينا فكرة متماسكة ووضعنا خطة سنوية، وبالتالي يمكننا أن نقدم مقترحات أكثر تركيزاً وتناسقاً. وقد شكلت هذه المرحلة منعطفاً تعليمياً مفيداً بالنسبة لنا
هل تعتقدون أن على أطباء بلا حدود اعتماد وظائف تركز تحديداً على التنوع والإدماج، أم أن هذا سيؤدي إلى نتائج عكسية حيث سيضعف المشاركة على مستوى القاعدة الشعبية؟
إليزابيث ستودل: أعتقد أننا بحاجة إلى الأسلوبين. فنحن بحاجة إلى القاعدة الشعبية التي لولاها لن يتمكن الناس من المشاركة والتفاعل، لكننا يصعب في الوقت ذاته إيجاد الوقت اللازم لنحقق ما نريده. فأحد أفراد مجموعة العمل عضو في الفريق الإداري. كما خضع كل من رئيس المجلس والمدير التنفيذي إلى تدريبات حول التنوع والإدماج، وهما يشاركان معنا فيما نفعله ولولا هذا الدعم لكنا واجهنا صعوبات في متابعة نشاطنا
ما هي القيمة الرئيسية التي يحققها الإدماج في منظمات على غرار أطباء بلا حدود برأيكم؟
إليزابيث ستودل: أعتقد أننا أمام واجب أخلاقي يحتّم علينا الإدماج. فنحن منظمة إنسانية نعمل لتلبية الاحتياجات الملحة، وبالتالي فإن إهمال وتهميش بعض الناس يخالف كل ما ترمز له أطباء بلا حدود. الأمر يتمحور كذلك حول التمثيل المناسب للناس الذين نقدم لهم الخدمات. فمن منظور عملياتي، لدينا الكثير من الأبحاث التي تؤكد بأن وجود قوة عاملة أكثر تنوعاً يساعد في تحقيق المزيد من النتائج. ولهذا فإن الإدماج يعود بفوائد عملية
هل لديكم أية نصائح ترغبون في تقديمها لمن يسعى إلى بناء مبادرات مماثلة في سياقات أخرى؟
إليزابيث ستودل: قد يأتي التغيير من أيٍّ كان، لكنه لا بد أن ينبع من داخلنا. وإن كنتم متحمسين وشغوفين بمواضيع التنوع والإدماج فلا تسكتوا أو تستلموا، بل ارفعوا صوتكم إلى أن يتحقق التغيير. وإننا ندعو كل أعضاء حركة أطباء بلا حدود إلى المشاركة في تدريباتنا، حيث أن لدينا دائماً مقاعد مخصصة لزملائنا من الأقسام الأخرى وزملائنا في الميدان. كما يسعدنا أن نتشارك خبراتنا ونقدم النصائح حول آلية تأسيس مجموع العمل الخاصة بكم
برج البراجنة هو مخيم للاجئين في جنوب بيروت بلبنان. أنشئ المخيم قبل نحو 70 عاماً من قبل رابطة جمعيات الصليب الأحمر كاستجابة لتدفق اللاجئين الفلسطينيين. ومن حينها تزايد عدد سكان المخيم بشكل مطرد مع وصول لاجئين من سوريا ومصر والعراق ومهاجرين لبنانيين. واليوم تعتبر منطقة برج البراجنة المنطقة الأكثر كثافة سكانية في بيروت، حيث يعيش أكثر من 18 ألف شخص في مساحة كيلومتر مربع واح[1]. وتقدم أطباء بلا حدود هناك رعاية الصحة النفسية والصحة الإنجابية إضافة إلى أنشطة التثقيف الصحي للمرضى الذين يواجهون تجارب صادمة أو ظروفاً معيشية صعبة وعوائق أمام الحصول على الخدمة الطبية. وتعتبر العوائق أمام الحصول على الرعاية الصحية في المخيم جسيمة بشكل خاص أمام ذوي الإعاقة، حيث يعاني الكثير من اللاجئين من أمراض مزمنة وحركة محدودة وإصابات ناجمة عن النزاعات، ومشاكل صحة نفسية. وللاستجابة لهذه الاحتياجات، اختارت أطباء بلا حدود إدماج ذوي الإعاقة كأحد الأهداف الاستراتيجية لبناء مركزها الأسري الجديد في برج البراجنة. وأوضح كل من د. لورا رينشي، المسؤولة الطبية للمشروع، وهارالد لونفيك، منسق أعمال الإنشاء في مشروع جنوب بيروت، لماذا وكيف حدث هذا.
سياق مليء بالتحديات
قد يكون التنقل في بيروت أمراً صعباً، فهناك أرصفة ضيقة مكسرة وسيارات مركونة في كل مكان وشوارع متسّخة وأسطح غير مستوية في المساحات الخضراء القليلة التي توجد في هذه المدينة، وكلها تحديات أمام من يستخدم الكراسي المتحركة في التنقل وكل من يواجه صعوبة في الحركة. يشار إلى أن الأبنية المجهزة لذوي الإعاقة نادرة في برج البراجنة، ويتعين على المرضى صعود الأدراج للوصول إلى عيادات أطباء بلا حدود العاملة في المخيم. كما أن العيادة المتخصصة في الأمراض المزمنة تقع في الطابق الرابع ويتعين أيضاً صعود الأدراج للوصول إليها، علماً أن معظم المرضى كبار في السن أو يعانون من صعوبة في الحركة، كما أن الأدراج تفتقر إلى الدرابزين باستثناء طابق واحد. تقع عيادتنا أيضاً بجانب مدرسة، ولهذا يعلق المرضى أحياناً بين جموع الطلاب، وهو ما يمثل تجربةً مرعبة لأي شخص يعاني من صعوبة في الحركة.
مواجهة فتحت أعيننا على أمورٍ كثيرة
أحيلت أمرأة حامل من ذوي الإعاقة إلى أطباء بلا حدود. كانت قد تعرضت تلك المرأة قبل سنوات لحادث سيارة وأصيبت بالشلل الذي أقعدها منذ ذلك الحين وباتت تستخدم الكرسي المتحرك. سمعت بأن أطباء بلا حدود تقدم استشارات للحوامل في برج البراجنة لكنها كانت محرجة من المجيء إلى العيادة. الآن هي في شهرها التاسع وبحاجة ملحة إلى المساعدة المادية لوضع مولودها. تأزم وضعها جداً وكان قرارها في المجيء إلينا عبارة عن الملاذ الأخير. وقد قام أفراد وحدة حفظ النظام بحملها والصعود بها على الأدراج، كما اضطر المرضى المتواجدون في غرفة الانتظار إلى الوقوف أو إبعاد كراسيهم كي تمر. لكنها كانت تبكي من شدة الخجل حين وصلت إلى غرفة الاستشارات. وقد انفطرت قلوب الطواقم حين علموا أنها لم تسعَ للحصول على الرعاية مسبقاً لعدم قدرتها على الوصول إلى العيادة، ولمسوا الذلّ التي أحست به بدلاً من أن تفرح وهي في انتظار مولودها الجديد.
تسهيلات مؤقتة في المشروع
غالباً ما تساعد طواقم عيادات أطباء بلا حدود العاملة في المخيم المرضى على صعود الأدراج، وكثيراً ما ينزل الأطباء والممرضون لأسفل المبنى كي يقابلوا المرضى خارجاً أو في سياراتهم أو في الطريق. وكان المشروع يقدم الرعاية لحوالي 50 مريضاً يعانون من صعوبات في الحركة، لكن رغم ذلك نجد بأن الطواقم قد اعتادت على الوضع القائم ولم تحاول الاستجابة للاحتياجات بإجراء تغييرات جذرية.
مراقبة الاحتياجات + استغلال الفرص = تحفيز عملية التغيير
"حين بدأ المشروع بعملية التخطيط للمركز الأسري الجديد الذي سيدمج خدمات الرعاية الصحية الجنسية الإنجابية ورعاية الأمومة ويركز على الارتقاء بخدمات رعاية الأمومة بالتحديد، رأيت أن ثمة فرصة لتعديل الهيكلية المعتمدة وإنشاء العيادة في الطابق الأرضي".
د. لورا رينشي، المسؤولة الطبية للمشروع
كانت الفكرة في البداية نقل عيادة النساء من مخيم شاتيلا القريب إلى برج البراجنة. وقد تصوّر الفريق بأن الانتقال سيكون سريعاً وسهلاً، لكن الأبنية المتوفرة لم ترقَ للشروط والمتطلبات، سواء على الصعيد الطبي أو على الصعيد اللوجستي، وقررنا تركيز جهودنا على ناحية الإنشاء، وكان الهدف من هذا الحفاظ على الجو الأسري واستقبال أكبر عدد ممكن من الناس.
إعادة الهيكلة
كان لا بد من أن تتوفر جميع الخدمات في الطابق الأرضى كي تستطيع الطواقم الطبية تقديم المساعدة للمرضى ذوي الإعاقة والمصابين بأمراض مزمنة ومعالجتهم بسرّية وبما يحفظ لهم كرامتهم. ولهذا فإن وجود غرفة متعددة الوظائف في الطابق الأرضي سيسمح بتحرك الطاقم لتقديم الخدمات المطلوبة للمرضى أياً كانت تلك الخدمات.
لكن هذا كان تحدياً هاماً في ظل طبيعة مخطط المبنى وضيق الغرف وتعدد الطوابق، وكان من الضروري إعادة هيكلة المنطقة المحيطة بغرفة الاستقبال والدرج كلياً. كما توجب توسيع المداخل والممرات المؤدية إلى الغرفة متعددة الوظائف والمراحيض، وكذلك صبّ المدخل بالإسمنت وتسويته على شكل منحدر يسمح بدخول مستخدمي الكراسي المتحركة.
المسألة تتمحور حول تعزيز الاهتمام والمراعاة بدلاً من زيادة النفقات
ينبغي التفكير بصورة مختلفة في إطار عملية الإنشاء وذلك للسماح لمستخدمي الكراسي المتحركة بالدخول. ولا بد من الأخذ بعين الاعتبار كيفية تسوية الأرضيات وأبعاد الممرات والغرف، كما علينا أن نفكر في تدفق المرضى والمخطط العام للعيادة. وهذا يعني وجود حاجة أكبر للتغيير والتعديل وإيجاد حلول وسطى، لكن الأمر يستحق كل هذا دون شك. يشار إلى أن هذه العملية تجبر الفريق على التأني في كل قرار، وبالتالي تسمح باتخاذ قرارات من شأنها أن تخدم المرضى بشكل أفضل، سواء أكانوا من ذوي الإعاقة أم لا.
عوائق تزيل عوائق؟
باستثناء عملية التخطيط بحدّ ذاتها، لم يواجه المشروع أية عوائق حقيقية فيما يخص تعديل المركز لتلبية احتياجات ذوي الإعاقة. ويسهل القول بأن إدماج ذوي الإعاقة يتطلب مستوى كبيراً من الجهد والوقت والمال، أما في الواقع فهذا لا يصحّ بالضرورة. ففي مشروع جنوب بيروت، كانت التكاليف والجهود المطلوبة لا تكاد تذكر باستثناء المراعاة الإضافية التي تم توخيها في إطار عملية التخطيط.
المركز الأسري يعمل الآن، وتضم الخدمات المقدمة كما في السابق خدمات الصحة الإنجابية والصحة النفسية والتثقيف الصحي وغيرها. ويبلغ عدد مرضى الأمراض غير المنقولة الحاليين من ذوي الإعاقات الحركية 72 مريضاً. كما يعمل قسم المتابعة الطبية في الغرفة التي في الطابق الأرضي يوماً في الأسبوع. وقد أبدى المرضى سعادة حيال إمكانية وصولهم للمركز وقدرتهم على رؤية عامل اجتماعي، أو اختصاصي نفسي، أو صيدلاني، وجميع هؤلاء يمكنهم تقديم دعم مباشر أو مشورة إن اقتضى الأمر، بدلاً من تمرير الأسئلة عن طريق أفراد أسرهم.
كما تدير أطباء بلا حدود في مشروع جنوب بيروت برنامج رعاية يرتكز على البيت موجه لمرضى الأمراض المزمنة. ويقدم الفريق كذلك استشارات للمعالجين المهنيين بخصوص تحسين القدرة على الحركة الوظيفية في المنازل أيضاً، كما يسعى إلى معالجة الإعاقات من زوايا مختلفة بهدف تعزيز القدرة على التنقل وإتاحة الخدمات للجميع.
عاني الكثير من المرضى في عيادة ماتسافا، وهي عيادة شاملة تابعة لمنظمة أطباء بلا حدود توفر خدمات طبية متنوعة في سوازيلاند، من نقص في السمع نتيجة علاج السل المقاوم للأدوية. فالمرضى الذين كانوا سابقاً قادرين تماماً على السمع والتواصل بحرية، أصبحوا اليوم صماً بشكل جزئي أو أنهم فقدوا قدرتهم على السمع بشكل كامل
ورغم إعلامهم بوضوح حول الآثار الجانبية المحتملة، إلا أن المرضى لم يكونوا مستعدين لنقص السمع المفاجئ. ولم يقتصر الأمر على قيام المرضى المتضررين بعزل أنفسهم اجتماعياً عن أسرهم ومجتمعاتهم نتيجة لما أصابهم، إنما أصبح ذهابهم إلى العيادة الطبية يمثل مشكلة حيث أنهم لم يعودوا قادرين على التواصل مع الممرضين والأطباء
الخطوات التي اتخذتها العيادة
بعد أن أدركت المنظمة للمشاكل التي تواجه المرضى، بدأت عيادة أطباء بلا حدود تدريباً بلغة الإشارة المستخدمة في سوازيلاند بهدف إعادة دمج المرضى في مجتمعهم وتحسين قدرتهم على التواصل مع كل من أسرهم وعمال الرعاية الصحية. استهدف التدريب المرضى وأسرهم وعمال الرعاية الصحية التابعين لمنظمة أطباء بلا حدود في العيادة. وقامت المنظمة بغية إنجاح التدريب بالتواصل مع خبراء محليين بلغة الإشارة ووظفت مُعلّمَين من مدرسة لغة الإشارة في سوازيلاند لهما خبرة واسعة في دعم الصم وتعليم لغة الإشارة في المنطقة التي كانت تقدم فيها عيادة أطباء بلا حدود الخدمات الطبية
وقد تم تنفيذ دورتين تدريبيتين للمستوى الأساسي خلال مدة ستة أشهر، حيث شارك فيها ما مجموعه 12 مريضاً و12 فرداً من أفراد أسرهم إضافةً إلى 40 من أفراد الطاقم من مختلف أقسام العيادة من أخصائيي الدعم النفسي الاجتماعي والتمريض والمختبر والأطباء والمترجمين وغيرهم. وقد كان المرضى وأفراد الطاقم على حد سواء شغوفين بالتدريبات ومتحمسين جداً لتعلم مهارة جديدة، مما دفعهم إلى بذل أقصى جهودهم في تعلّم لغة الإشارة
نجح المرضى بفضل التدريبات في التفاعل والحديث مع بعضهم بعضاً. كما تمكن الطاقم السريري من التواصل مع المرضى بسهولة والتدخل بثقة وفقاً لاحتياجات المرضى. وبما أن المرضى تلقوا التدريبات برفقة أقارب لهم، فقد مكنهم هذا من التواصل في البيت مع الناس الذين يقضون معظم وقتهم معهم بعد أن يتموا علاج السل المقاوم للأدوية. وبهذا فإن المهارة الجديدة التي اكتسبوها جعلتهم ينتقلون من العزلة الاجتماعية التي كانوا قد وضعوا أنفسهم فيها بسبب عدم قدرتهم على التواصل، إلى التعبير والانفتاح بشكل أكبر
لكن بفضل الانتقال إلى عقارين جديدين لا يلحقان الأذى بالسمع، بدأت تنخفض بسرعة أعداد المرضى الذين يمكن أن يستفيدوا من التدريب
الأثر الرئيسي على الإدماج
إلى جانب التأثير الإيجابي على نوعية الحياة والرعاية الصحية للمرضى المستهدفين بشكل أولي، يبقى أثر الخطوات التي اتخذتها منظمة أطباء بلا حدود في سوازيلاند مهماً من حيث قدرة المرضى الذين يعانون من نقص سمع في سوازيلاند في الحصول على الرعاية الصحية
وعلى غير المتوقع، فقد تم إعلام الصم بأن الطواقم اكتسبت مهارات لغة الإشارة في سوازيلاند، وهذا أدى إلى زيادة عدد المرضى الصم الذين يطلبون الرعاية في العيادة بخصوص خدمات غير متعلقة بالسل المقاوم للأدوية. وأبلغ هؤلاء المرضى طواقم أطباء بلا حدود بأنهم كانوا قد مروا بتجارب سيئة مع طواقم غير صبورة في مرافق الصحة العامة
وبفضل التدريب، أصبحت عيادة ماتسافا التي هي عيادة شاملة تقدم خدمات طبية متنوعة متاحةً أمام المرضى الصم
أهم الدروس المستقاة
• عادة ما تعمل مشاريع أطباء بلا حدود بأقصى طاقتها وتكون مشغولة جداً لتأمين احتياجات المرضى وغيرها من الأولويات. وغالباً ما لا تؤخذ احتياجات ذوي الإعاقة في الحسبان. لكن يمكن لمشاريع المنظمة أن تركز أكثر على ذوي الإعاقة إذ يمكن أن يُحرموا من الرعاية الصحية أو الحياة الاجتماعية نتيجةً لإعاقتهم
• يستغرق تعلم مهارة جديدة وقتاً ويتطلب الممارسة، ولهذا لا بد أن تكون الطواقم المشاركة متحمسة للتدريب. يشكل تعلم لغة الإشارة تحدياً ويتطلب المداومة والممارسة المستمرة، ولا يتمتع الجميع بالحماس ذاته لتحقيق ذلك
(كان حضور الطواقم والمرضى والأقارب في البداية كبيراً، لكن الأعداد بدأت تنخفض بمرور الوقت)
• أدى إشراك عمال الرعاية الصحية من جميع الأقسام في تدريبات لغة الإشارة إلى تسهيل حصول الصم على الخدمات الصحية
• ما كان التدريب ليحقق النجاح لولا مشاركة أقارب المرضى. وكان التدريب يهدف إلى تمكين التواصل مع الطواقم السريرية بهدف الرعاي الطبية، وكذلك إعادة دمج المرضى في أسرهم كي لا ينعزلوا على أنفسهم
الأشكال المقاومة للأدوية من السل صعبة الشفاء وتتطلب برامج علاجية غير فعالة وطويلة ومؤلمة وسامة ومعقدة ومكلفة. تتضمن الأدوية الموصى بها اليوم عقارات تعطى حقناً (كانامايسين وأميكاسين وكابريومايسين). ويمكن لهذه العقارات أن تؤدي إلى نقص سمع غير عكوس بين ما قد يصل إلى 40 بالمئة من المرضى، إضافةً إلى الغثيان وآلام المفاصل والمشاكل الهضمية المعوية والذهان.
تشارك منظمة أطباء بلا حدود في أبحاث حول عقارين جديدين (بيداكيلين وديلامانيد) أقل سمية ولا يتسببان بنقص السمع. وتقوم فرق المنظمة العاملة في سوازيلاند حالياً بإعطاء العقارين، لكنهما لم يدخلا بعد في إطار العلاج القياسي. لكن المنظمة تدفع نحو توسيع اعتماد هذين العقارين.
شارك هذه الصفحة