تحقيق تقدم في الالتماس من أجل الأشخاص من ذوي الإعاقة

بقلم باتريس فاستيل

بعد أن مرت تسعة عشر عاماً منذ أن وطأت قدمي منظمة أطباء بلا حدود أول مرة، قررت أن أترك المنظمة لبضعة أعوام. بدأت أدرك أكثر فأكثر أنني أفقد سمعي، ولهذا خطرت لي فكرة العمل لصالح منظمة نرويجية متخصصة في توفير المساعدات التنموية للأشخاص من ذوي الإعاقة. وخلال انخراطي في برامجها زاد وعيي بواقع الأشخاص والأطفال من ذوي الإعاقة في البلدان النامية

Patrice Vastel

أصبحت مدركاً بشكل خاص للمستوى الكبير من الحرمان الذي يعاني منه ذوي الإعاقة الذين غالباً ما يُتركون وحيدين مختبئين ويصبحون ظلماً هدفاً لوصمات العار والتمييز. وفجأة بدأت قيم أطباء بلا حدود ومبادئنا وعدم تحيزنا وتركيزنا على الأكثر حاجةً والأكثر ضعفاً والناس المنسيين، تكتسب بعداً جديداً. بات واضحاً لي أنه رغم عدم قدرة أطباء بلا حدود على أن تطمح للوصول إلى الجميع، إلا أنه يقع على عاتقها بوصفها منظمة إنسانية تقودها مبادئ عدم التحيز، واجب السعي للوصول إلى المجموعات الأكثر ضعفاً ومنها الأشخاص ذوي الإعاقة

لا أقصد أن تدير المنظمة برامج متخصصة تستهدف الأشخاص من ذوي الإعاقة، إنما أن تتأكد من ألا يُحرم هؤلاء الناس دون قصد من خدماتنا الطبية نتيجةً لعوائق لسنا مدركين لوجودها

بنظري، يقع على عاتق أطباء بلا حدود واجب التأكد من عدم حرمان المجموعات الأكثر ضعفاً ضمن السكان الذين نخدمهم. فالإدماج يتمحور حول السؤال الذي نطرحه على أنفسنا والقائل: من هم المرضى الذين لا تصلهم خدماتنا؟

بما أنني عضو في جمعية أطباء بلا حدود، فقد أردت أن أعيد تسليط الضوء مجدداً في المنظمة على خطر إقصاء الأشخاص من ذوي الإعاقة. قمت بهذا من خلال عرض التماس لإدماج ذوي الإعاقة قدمته إلى الجمعية العامة الشمالية لمنظمة أطباء بلا حدود عام 2016، بدعم من القسم النرويجي. دعمت الجمعيتان السويدية والنرويجية بشدة الالتماس، شأنها شأن الجمعية العامة لمركز عمليات بروكسل والجمعية العامة الدولية

بعد هذا بفترة قصيرة، حدث وأن عدت إلى منظمة أطباء بلا حدود للعمل على ملف الهجرة، وحين بدأت أسأل بخصوص الالتماس تبين لي أنه لم يحدث الكثير وهذا لم يكن مفاجأة كبيرة لي نظراً للضغوط التي تقبع تحتها العمليات ونتيجةً لغياب المعارف حول هذا الشأن داخل المنظمة

وحين كنت أعمل في المكتب النرويجي لأطباء بلا حدود، علما بوجود "القدرة الاستثمارية التحويلية" التي هي لجنة تشكلت حديثاً في منظمة أطباء بلا حدود لتعزيز تحول المنظمة بحيث تستجيب بشكل أفضل لتحديات اليوم والغد. رأينا في هذه المبادرة فرصةً من أجل "تحويل أطباء بلا حدود إلى منظمة أكثر إدماجاً للأشخاص من ذوي الإعاقة في هيكليتها وعملها" وطرحنا مقترحاً في هذا الشأن. حظي المشروع بدعم وموافقة تامة من لجنة القدرة الاستثمارية التحويلية بنهاية 2017، وفي أوائل 2018 تم تعييني لتنسيق وإطلاق مشروع القدرة الاستثمارية التحويلية لإدماج الأشخاص من ذوي الإعاقة في منظمة أطباء بلا حدود

وكنا قد نجحنا قبل كتابة هذا النص، بالتعاون مع منظمات معنية بالأشخاص من ذوي الإعاقة وجهات أخرى فاعلة، بتطوير مواد أساسية وبسيطة بخصوص الإدماج. كما حددنا أول مجموعة من الأشخاص ذوي المعارف حول إدماج ذوي الإعاقة في حركة أطباء بلا حدود لمساعدتنا في تطوير وتوليف مواد ومقاربة خاصة بنا

كانت فكرتنا تتمحور حول أن عملياتنا غالباً ما تسير تحت ضغوط وأن علينا أن نظهر بمظهر الداعم وألا نكون عبئاً إضافياً. وقررنا أن نتقدم بإطار عمل بسيط يتضمن 6 أفكار أساسية بخصوص الإدماج بهدف إحداث تغيير. فدليل عملنا يتركز على البساطة ثم البساطة

قمنا بإنتاج فيديو توعوي قصير حول الإدماج مدته 5 دقائق ويقدم هذه الأساسيات الستة. يمثل هذا الفيديو أداة ممتازة لتحفيز النقاش ضمن الجمعيات وكذلك ضمن النطاق التنفيذي للمنظمة

أجرينا استطلاعاً خلال شهري أبريل/نيسان ومايو/أيار هذا العام بين العاملين المحليين والدوليين كي نعرف إلى أي مدى ترى طواقم أطباء بلا حدود الميدانية اليوم أن منظمتهم تحقق الإدماج. وأظهر المسح بأن أكثر من 60 بالمئة من طواقمنا الدولية و80 بالمئة من الطواقم المحلية تعتقد بأنه كان يتعين عليهم فعل المزيد حين يتعلق الأمر بالإدماج في آخر مهمة اضطلعوا بها. تم عرض النتائج خلال أول منتدى عبر الإنترنت باللغة الإنكليزية قمنا بتنظيمه يوم 26 يونيو/حزيران 2018

قمنا ايضاً بإعداد دورة تدريبية قصيرة وسنستمر في اختبارها خلال الأشهر المقبلة بغرض توفيرها بسهولة لبعثاتنا عن طريق الإنترنت

واعتباراً من سبتمبر/أيلول 2018 ستسمح لنا بوابتنا المكرسة لإدماج الأشخاص من ذوي الإعاقة بتوفير كافة المعلومات حول هذا الموضوع

سنتابع كذلك بعض برامج التدريب التجريبية والمشاريع القائمة في بعثات معينة وسنعمل على دعم تشارك التجارب. كما سنقوم بالتدريج بترجمة موادنا إلى الفرنسية استجابةً للطلب المتزايد وبالطبع لن نستثني اللغات الأخرى على المدى الطويل

أخيراً فإن إدماج الأشخاص من ذوي الإعاقة يمثل مصدر إلهام لا يقدر بثمن في إطار المناقشات الجارية ضمن أطباء بلا حدود بخصوص الإدماج والتنوع

لم يتبق أمامنا سوى أن نتقدم بالشكر لجميع من أسهم في المشروع ولا تترددوا في الاتصال بنا في حال كانت لديكم أية مقترحات 

باتريس فاستيل


باتريس فاستيل هو منسق المشروع الدولي لإدماج الأشخاص من ذوي الإعاقة في منظمة أطباء بلا حدود والذي يعد جزءاً من ملف عمل مشروع القدرة الاستثمارية التحويلية. كما أنه صاحب التماس 2016 بخصوص إدماج الأشخاص من ذوي الإعاقة في أطباء بلا حدود. درس باتريس الهندسة وعلم الإنسان/الأنثروبولوجيا وبدأ العمل في منظمة أطباء بلا حدود عام 1993. عمل أكثر من 20 عاماً في بعثات مختلفة وفي المقر الرئيسي لأطباء بلا حدود في النرويج حيث شغل منصب المدير العام خلال الفترة الممتدة من 2003 وحتى 2011. عمل باتريس فاستيل أيضاً لصالح "تحالف أطلس"، وهو منظمة نرويجية متخصصة في المساعدات التنموية للأشخاص من ذوي الإعاقة. تلقى كذلك تدريباً في تسهيل إدماج ذوي الإعاقة حيث يعمل على تدريب عدد من المنظمات النرويجية في هذا الإطار. الآن وبعد أن عاد إلى أطباء بلا حدود، أصبح عضواً في الجمعية النرويجية لضعف السمع

شارك هذه الصفحة

Mobirise web builder - Try here