حقائق

معلومات ومصادر حول الأمراض والاحتياجات التي تستجيب لها أطباء بلا حدود في الميدان وذات الصلة الوثيقة بالإعاقات

الكل بحاجة إلى مرحاض - أول دليل إرشادي للإتاحة يصدر عن أطباء بلا حدود حرصاً على تأمين الرعاية لجميع المرضى الذي يحتاجون إليها

كيف نجعل استجابة الطوارئ استجابةً شاملة دامجة - مقابلة مع الخبيرة فاطمة الجاسم

© Guillaume Binet/MYOP.

ما دور العلاج الفيزيائي في إطار العمل الطبي الذي تنفذه فرق أطباء بلا حدود؟

© Isabel Corthier/MSF.

لن يحدث أمرٌ يخصنا دون مشاركتنا
تجربة أطباء بلا حدود خلال عملها مع المجموعات الرئيسية
وكيفية تعزيز إدماج الأشخاص ذوي الإعاقة في عملياتنا

© Claire Jeantet - Fabrice Caterini/INEDIZ.

نوما - الدروس المستقاة من العمل مع الناجين من مرض مهمل ويسبب التشوهات

"لكانت قصتها اختلفت"

قرية ناسور الولادة: من اليأس إلى الأمل
شهادة من جنوب السودان بقلم سونيا كالسفيك


الأمراض والإعاقات المدارية المهملة


الإعاقة الخفية

الصرع

قرحة بورولي

كيف نجعل استجابة الطوارئ استجابةً شاملة دامجة - مقابلة مع الخبيرة فاطمة الجاسم

"بما أنني من ذوي الإعاقة، فقد تعلمت أن أدافع عن حقوقي في سنٍّ مبكرة"

كانت فاطمة الجاسم في التاسعة من عمرها حين بدأت في التطوع. فقد كانت وهي في الثانية عشرة من عمرها تنظم ورش عمل لمدرسيها تطلعهم فيها على إدماج ذوي الإعاقة. وها هي اليوم تقدّم لنا أهم النصائح حول الإدماج في عمليات الاستجابة للطوارئ والعمل الإنساني بشكل عام

كانت فاطمة الجاسم في الطابق التاسع للفندق حين دون صفارات إنذار الحريق. كان قلبها يخفق بقوة وكانت مرعوبةً، فلم يكن لديها أدنى فكرة عن كيفية العودة إلى الطابق الأرضي

تقول فاطمة: "لم يستطع كذلك أيٌّ ممن كان حولي مساعدتي. وهنا اتضحت لي أهمية الإدماج في الاستجابة لحالات الطوارئ. فذلك الشعور بالعجز والخوف التام هو ما حفزني للتوعية باستجابة الطوارئ الشاملة والدامجة. منذ تلك اللحظة وأنا أدرّب الناس على استجابة الطوارئ الشاملة الدامجة في إطار عملي"

وبالفعل، فقد كان أمامها عمل كثير. وهي اليوم مندوبة شباب الإمارات في اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة التي اعتمدتها الأمم المتحدة، كما أنها متخصصة في شؤون الإتاحة وتعمل مستشارة لتمكين أصحاب الهمم (وهو المصطلح المفضل استخدامه في الإمارات العربية المتحدة لوصف الأشخاص ذوي الإعاقة)، علماً أن فاطمة قد دربت حسب تقديراتها أكثر من 10,000 شخص حتى الآن، وهي لم تتجاوز بعد الخامسة والعشرين من عمرها

تتابع فاطمة: "بما أنني من ذوي الإعاقة، فقد تعلمت أن أدافع عن حقوقي في سن مبكرة. ثم لاحظت بأن من حولي من ذوي الإعاقة لم يكونوا على علم بكيفية الدفاع عن أنفسهم، ولهذا فقد علمتهم كيف يدافعون عن حقوقهم. ومن هناك كانت البداية"

هذا وتعمل فاطمة اليوم مع عدة حكومات وشركات لتساعدها على تحسين سياساتها في مجال الإدماج

وبما أن فرق أطباء بلا حدود تتركز في سياقات النزاعات بمختلف أنواعها، لذا فإن الطوارئ جزءٌ من عملنا اليومي. ويلتقي مشروع التنوع والمساواة والإدماج المعني بإدماج ذوي الإعاقة بفاطمة الجاسم للاطلاع على أفكارها حول تعزيز شمول وإدماج استجابة الطوارئ التي تضطلع بها فرقنا. وكانت أولى نصائحها إدماج ذوي الإعاقة في عملية التخطيط استعداداً للكوارث، فإذا ما بدأنا بالتخطيط حين تقع الطوارئ نكون قد تأخرنا

تقول فاطمة: "استمعوا إلى الأشخاص ذوي الإعاقة وتبيّنوا المجالات الواجب تحسينها. افتحوا الموضوع مع موظفيكم ذوي الإعاقة في يومهم الأول، فهكذا ستعرفون كيف تجعلونهم يشعرون بالأمان"

لكن النقاشات المتعلقة بالأمان لن تعود بالفائدة على الموظفين ذوي الإعاقة فحسب، إذ أن زملائهم الآخرين سيشعرون بأمان أكبر إذا ما عرفوا كيف يساعدونهم وما يتوجب عليهم فعله عند الطوارئ

وغالباً ما يكون ذوو الإعاقة في موقف ضعيف جداً عند الطوارئ. فقد تكون الطرقات في مخيمات اللاجئين صعبة، إن لم تكن مستحيلة، على مستخدمي الكراسي المتحركة على سبيل المثال. لكن ثمة فروقات أيضاً بين مختلف مجموعات ذوي الإعاقة. إذ نجد أن إدماج ذوي الإعاقات البدنية يكون أفضل في أغلب الأحيان عند الاستجابة للطوارئ مقارنةً بمن لديهم إعاقات في النمو

وتنوه فاطمة قائلة: "لا بد أن نتذكر بأن في المعلومات قوّة. إذ أن تمكين ذوي الإعاقة يتحقق إذا ما استطاعوا الوصول إلى البيانات بالاعتماد على تقنيات مختلفة تناسبهم. فقدرة الأشخاص تتعزز حتى إذا ما كانوا على دراية بأصغر الأمور التي يمكنهم فعلها لوقاية أنفسهم خلال جائحة كوفيد على سبيل المثال"

علينا أن نفكر دائماً عند تنفيذ الأنشطة المجتمعية بشكل المعلومات وصيفتها. فهل ننشر المعلومات كتابياً فقط؟ أم عبر الراديو فقط؟ هل تتوفر مواد التواصل هذه بلغة سهلة القراءة؟

هذا وتعتبر البيانات أساسيةً لكل القائمين على الأعمال الإنسانية. فالمنظمات الإنسانية غير الحكومية تتحمل مسؤولية مضاعفة تجاه الأشخاص ذوي الإعاقة لأنها تعمل في سياقات الأزمات التي تؤدي فيها النزاعات المستمرة إلى إصابات وإعاقات بين الكثير من الناس

وهنا تنوّه فاطمة: "لا بد أن نعرف عدد الناس الذين يحتاجون إلى المساعدة في حالات الطوارئ. فإذا ما عرفنا كم منهم لديه إعاقة كان بإمكاننا التخطيط للاستجابة الطارئة بناءً على ذلك"

مفتاح الإدماج هو الإقرار بأننا لا نعرف كل شيء

تعود فاطمة مراراً وتكراراً إلى نقطة أساسية مفادها أن: الإدماج عملية مستمرة.

وتؤكد فاطمة: "مفتاح الإدماج هو الإقرار بأننا لا ولن نعرف كل شيء أبداً. فإذا ما اعترفنا بهذا نكون قد أصبحنا جاهزين للانطلاق في رحلة، وعلى استعداد لارتكاب الأخطاء والتعلم منها"

فلا بد أن نكون منفتحين ونتحلى بالفضول، وأن نكون على استعداد لقبول آراء وملاحظات الأشخاص ذوي الإعاقة وإدخال التغييرات

وتتابع فاطمة: "لا يقتصر الإدماج على الإعاقة، إنما يتجسد في الانفتاح على الجميع. فالإدماج لا يعني لي بالضرورة القبول، إنما قد يكون حجر أساسٍ في سبيل تحقيق القبول"

إذن ما السر الذي يقف وراء تحقيقها لكل هذا وهي لم تتجاوز الخامسة والعشرين بعد؟

وهنا تجيب فاطمة: "أفعل ما أفعله كي أحدث تغييراً، حرصاً مني على ألا يواجه الجيل القادم من الأشخاص ذوي الإعاقة المصاعب ذاتها التي واجهتها"


أهم نصائح فاطمة الجاسم حول الإدماج

كيف نعزز الإدماج في منظمة ما؟

إنشاء بيئة شاملة دامجة داخلياً. إذ لا يمكن للمنظمات أن تكون شاملة ودامجة إزاء عملائها ما لم تكن كذلك إزاء موظفيها

التمثيل كذلك أمرٌ مهم لكن لا ينبغي أن يكون شكلياً أو رمزياً فقط. فدور ذوي الإعاقة لا يقتصر على الإجابة على استبياناتكم، إنما يجب تعيينهم في مناصب قيادية كذلك

3التواصل أيضاً مهم. وعلينا الانتباه إلى الكيفية التي نتواصل بها مع الأشخاص ذوي الإعاقة. هل نتعامل معهم كأنهم حالات خيرية أم أبطال أم ضحايا عاجزين؟ ولا يجب أن ننسى بأن بعض الناس قد يكونون في موقف لا يسمح لهم بالتعبير عن أنفسهم حينما يشعرون بالضيق


كيف نعزز الإدماج كأفراد؟

علينا الاستماع إلى الأشخاص ذوي الإعاقة حتى لو لم نكن نعرف كيف نتواصل معهم. فاستماعنا إليهم يعني أننا نقرّ بتجاربهم وما يمرون بهم. ولا بد أن نتحلى بالتعاطف، ولا نستخفّ بالفعل الطيّب مهما صَغُر

علينا مناصرة حقّ الناس في الوصول إلى البيانات وجمعها داخل منظمتنا. إذ لا يمكننا أن نُحسِّن ما نجهله. علماً أن قطاع العمل الإنساني يفتقر إلى الكثير من البيانات حول الإدماج

أخيراً علينا أن نكتسب مهارات الدفاع عن حقّ ذوي الإعاقة في الإدماج. فهذا يساعدنا في تعلّم الدفاع عنهم حين لا يسمح الموقف لهم بالتعبير عن أنفسهم لسبب أو لآخر


الكل بحاجة إلى مرحاض - أول دليل إرشادي للإتاحة يصدر عن أطباء بلا حدود حرصاً على تأمين الرعاية لجميع المرضى الذي يحتاجون إليها

يقول باول كابريرا، مستشار الإنشاءات والملاجئ في منظمة أطباء بلا حدود - مركز عمليات برشلونة، الذي أعدّ أول دليل إرشادي للتصاميم المتاحة والشاملة صادر عن أطباء بلا حدود ومُخصّص للقائمين على أعمال البناء والإنشاءات: "إنه بسيط جداً لكنه الخطوة الأولى". إذ يأمل أن يرى مستقبلاً المزيد من المراحيض المتاحة وبشكل عام المزيد من مرافق الرعاية الصحية المتاحة في منظمة أطباء بلا حدود. 

وحين سُئل عن الحافز الذي دفعه لإعداد الدليل الإرشادي، لم يتردد في الإجابة فقال:

"أطباء بلا حدود منظمة إنسانية دولية مستقلة. ومن مبادئنا الجوهرية مساعدة الناس حين يواجهون المحن بغض النظر عن دينهم أو معتقداتهم السياسية أو بلدانهم الأصلية. ومن الطبيعي أن نحرص في خطوتنا التالية على تأمين الرعاية للجميع. وهنا يمكنني أن أسهم في إحداث التغيير باعتباري مهندساً معمارياً".

بدأ كابريرا عمله في مجال الإغاثة عام 2004 ثم تسلّم مهام مستشار الإنشاءات والملاجئ في 2009. فقد عمل مع أطباء بلا حدود في جمهورية الكونغو الديمقراطية وإثيوبيا وهايتي وليبيريا وباكستان في مجال الإنشاءات والبناء والخدمات اللوجستية.

وقد ساعدته خبرته التي أكسبته إياها تلك المشاريع في بلورة دليل إرشادي عملي.

ويضيف كابريرا قائلا: "لا يوجد مهندسون معماريون في مشاريعنا في معظم الأحيان. ولهذا كان لا بد للدليل الإرشادي أن يكون بسيطاً كي يتسنى لكل من يعمل على الإنشاءات والبناء اتباعه. لكن هذا الدليل يخدم في الوقت ذاته غرضاً آخر، إذ يسهم في التوعية بقضايا الإتاحة وذوي الإعاقة".

بدأ المشروع بتصنيف الوثائق التي تتناول مساءل الإتاحة والمعتمدة في منظمة أطباء بلا حدود ثم مقارنتها بتلك التي تعتمدها اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومنظمة معماريون بلا حدود.

ونظراً لأن معظم الإرشادات تتعلق ببناء دورات المياه والحمامات المتاحة، فقد عمل كابريرا بشكل مباشر مع مستشاري المياه والصرف الصحي الذين أسهموا بخبراتهم في هذا المجال.

ثم جاءت جائحة كوفيد لتقدم الدفعة الأخيرة من الدعم للمشروع حين توقف أحد داعمي المشروع المتخصص في الهندسة المعمارية عن العمل نظراً للإغلاق وبالتالي أسهم في إنجاز الدليل.

وقد تشاور كابريرا خلال المراحل النهائية مع زملائه في باقي مراكز العمليات الذين قدموا له آراءهم ليصبح بعدها الدليل جاهزاً للتوزيع على متخصصي الإنشاءات والبناء خلال جلسات الإحاطة التي تسبق انطلاقهم إلى البعثات.

نحو مستقبل يعزز الإتاحة

غالباً ما تعمل أطباء بلا حدود ضمن ظروفٍ تواجه فيها تحديات قد تفرض بعض المصاعب الإضافية على صعيد بناء المرافق.

وقد تكون السلوكيات أحياناً أكبر العوائق التي تحول دون تحقيق أبنية متاحة. فإذا ما كان ذوو الإعاقة غائبين عن أنظار المجتمع، سيصعب علينا تبرير إنشاء ممرات منحدرة لأناسٍ يبدو أن لا وجود لهم.

وتابع كابريرا كلامه قائلاً: "تتحول هذه المسألة إلى حلقة مفرغة. فحين لا تكون المرافق متاحة لن يأتي ذوو الإعاقة. وحين لا يأتي ذوو الإعاقة سيبدو وكأنهم غير موجودين ولن تحصل أية تغييرات لتعزيز إتاحة المرافق".

قد نرى أحياناً اجتماع العقبات الفعلية والسلوكية في الآن ذاته كما هي حال أحد المشاريع الذي كان كابريرا يزوره في جمهورية إفريقيا الوسطى.

وقد قال في هذا الإطار: "كان المشروع في منطقة نائية جداً وكان يفتقر إلى مواد البناء حيث اضطررنا إلى الارتجال بما كان متوفراً لإنشاء ممر منحدر لعيادتنا. صمّمنا الممر المنحدر في الأساس ليناسب النقّالات، لكن سرعان ما بدأ مستخدمو الكراسي المتحركة والأطفال والنساء باستخدامه. وقد كانت تلك تجربةً مجزية للطواقم".

وهكذا أصبح ذوو الإعاقة مرئيين.

يأمل كابريرا أن تخضع جميع مرافقنا الصحية لمراجعات منتظمة بالتعاون مع المرضى الذين يمكنهم المساعدة في تحديد العوائق التي قد تقف في وجه الرعاية والإسهام في إيجاد حلول للالتفاف عليها. كما أن ثمة هدفاً آخر يتمثل في اعتماد نسبة معينة من المراحيض والحمامات المتاحة في جميع مرافق الرعاية الصحية.

وينصح مشروع إدماج ذوي الإعاقة بالتواصل والتعاون مع منظمات ذوي الإعاقة التي من شأنها أن تقدم رؤى معلومات معمّقة قيمة حول كيفية تعزيز إتاحة المرافق والخدمات التي تدعمها أطباء بلا حدود أمام الأشخاص ذوي الإعاقة.

كما يعمل كابريرا هذا العام على جمع بيانات حول عدد المشاريع التي تحرص على إتاحة مرافق الرعاية الصحية أمام ذوي الإعاقة معتمدةً على تطبيق معايير الإتاحة.

واختتم كابريرا قائلاً: "يسعدني جداً أننا نجحنا أخيراً في أن نولي أهمية أكبر لهذا الموضوع. فقد أدركنا حين كنا نعدل تلك الإرشادات بأننا تأخرنا، إذ كان بإمكاننا فعل هذا قبل وقت طويل".

ههل تعرفون أحداً يعمل في الإنشاءات والبناء في السياقات الإنسانية؟ يمكنكم الاطلاع على الدليل الإرشادي للتصاميم المتاحة والشاملة باللغة العربية.

هل يهمّكم الاطلاع أكثر على التصاميم الشاملة؟ نستضيف ندوة على الإنترنت تتناول موضوع الإنشاءات المتاحة في السياقات الإنسانية وسنقدم معلومات أكثر عنها لاحقاً. إن كنتم من متابعي رسالتنا الإخبارية فستكونون أول من يعلم بموعد افتتاح باب التسجيل لحضور الندوة. للإشتراك في الرسالة الإخبارية يرجى التسجيل في الرابط

© Guillaume Binet/MYOP.

مقابلة مع ديدير ديكواتر الذي يعمل معالجاً فيزيائياً متطوعاً مع أطباء بلا حدود ويطلعنا على الأثر الذي يمكن للعلاج الفيزيائي البسيط أن يحدثه على صحة المرضى ومستقبلهم

ما دور العلاج الفيزيائي في إطار العمل الطبي الذي تنفذه فرق أطباء بلا حدود؟
العلاج الفيزيائي جزء من نموذج رعاية متعددة التخصصات نطبقه، وبالتحديد في إطار جهود الرعاية المكثفة التي تقوم على وجود فريق من المتخصصين يشرف على علاج كل مريض. تتضمن هذه الفرق معالجين فيزيائيين يشمل عملهم التقليل من تبعات الحوادث أو الأمراض.
تعتمد أطباء بلا حدود على هذه المقاربة في سياقات عملها، وتحديداً حين تركز جهودها الطبية على جرحى الحروب. لكن يمكن أن يعزز العلاج الفيزيائي أيضاً على سبيل المثال المشاريع التي تركز على سوء التغذية والملاريا بين الأطفال أو في سياق التدخلات التي لا يغلب عليها الطابع الطبي الصرف وتركز على إعادة الإدماج، كما هي الحال عند دعم ضحايا العنف الجنسي. لكن القاسم المشترك الذي يجمع كل تلك المشاريع يتلخص في أنها تسعى إلى تحقيق أكبر أثر إيجابي ممكن على حياة المرضى.

ما هي العلاقة بين سوء التغذية وتأخر النمو/التطور العصبي لدى الأطفال؟
الطفولة المبكرة مرحلة حرجة في نمو الطفل يحدث خلالها نمو على عدد من الأصعدة في إطار سلسلة مراحل محددة يكتسب خلالها الطفل قدرات حسيّة وحركية وإدراكية واجتماعية. علماً أن هذه العناصر تتطور في سياق متزامن[1] . فالأطفال الذين يقل عمرهم عن سنة لا يمكنهم التعبير عن ذاتهم كلامياً إنما يتواصلون بالحركات. وهكذا يطورون قدراتهم الفكرية وفضولهم، بما في ذلك فضولهم تجاه الآخرين، وبالتالي ميلهم الاجتماعي. وتشكل هذه الروابط التي تجمع مختلف المهارات قاعدة أساسية لتطور/نمو الطفل في المستقبل. لكن ثمة عوامل خطر تشمل سوء التغذية من شأنها الحد من هذا النمو المفترض. فالأطفال الذين يعانون من سوء تغذية شديد يكونون في وضع النجاة/البقاء على قيد الحياة، أي أن أجسامهم لا تركز إلا على الجوانب الفيزيولوجية التي تسمح لهم بالبقاء على قيد الحياة. وهنا يتعطل نمو الطفل الحركي والفكري خلال فترة الأزمة هذه. لكن بما أن هناك فسحة زمنية يجب أن ينجز خلالها الطفل كل مرحلة من مراحل النمو والتطور، تجد أن هؤلاء الأطفال يعانون من تأخر في مراحل النمو الأساسية. وهذا ما يعرضهم لمخاطر كبيرة قد تؤدي إلى إعاقات حركية أو فكرية.

ما هي فرص تعزيز إمكانيات النمو والتطور عند الأطفال المعرضين للخطر بالاعتماد على العلاج الفيزيائي؟
لا يمكن لنا كمعالجين فيزيائيين المساعدة في تعزيز إمكانيات نمو الطفل إلا حين نكون على دراية بالمراحل المختلفة للتطور الحركي وبالتحديد ما يطلق عليه مصطلح "إدراج ردود الفعل/المنعكسات البدائية". إذ تقتصر حركة الأطفال في منطلق حياتهم على حركات غير إرادية. لكن نمو وتطور الوصلات/الاتصالات الدماغية تحول هذه المنعكسات إلى حركات إرادية مكتسبة. إنها عملية معقدة ولا يمكن أن تنجح إلا بتحفيز الطفل. لكن الأطفال الذين يكونون في وضع النجاة/البقاء على قيد الحياة لا يلتفتون للمنبهات التي تحيط بهم. وهذا ما يحد من قدرتهم على تعلم مهارات حركية جديدة تعد جزءاً لا يتجزأ من نموهم الاجتماعي والفكري. وهنا فإن إدخال طرق علاجية تقوم على تحديد وتقييم حالات تأخر النمو وتعتمد على ممارسة الألعاب، يسمح لنا بعلاج الطفل بالشكل الصحيح والتقليل من الإعاقة الحركية وتحفيز الطفل والأهل. وهكذا فإننا نحد من تبعات سوء التغذية ونعزز من قدرة الطفل على النمو والتطور العصبي والحركي.

ماذا لو لم نتدخل؟ ما هي عواقب الفرص الضائعة؟
يؤدي غياب علاج تأخر النمو لدى الأطفال دون سن الخامسة المصابين بسوء التغذية إلى ارتفاع مخاطر الإصابة بإعاقات وغيرها من العواقب المزمنة، وذلك لأن الأطفال لن يتمكنوا من التحرك باتجاه الآخرين وسيفشلون في بناء قدرات فكرية واجتماعية. وقد يؤدي هذا في العديد من السياقات التي تعمل فيها فرق أطباء بلا حدود إلى وصمة عار تلحق بهم، إضافةً إلى إقصائهم ومفاقمة وضعفهم.
ما هي الدروس المستقاة من المبادرة الأولى التي شاركت فيها والتي كانت ترمي إلى إدخال العلاج الفيزيائي ضمن جهود رعاية الأطفال الذين

يعانون من سوء التغذية في أحد مشاريع أطباء بلا حدود في الكاميرون؟
يؤمن مشروع مورا الذي تديره طواقمنا في منطقة أقصى الشمال في الكاميرون دعماً طبياً يشمل التغذية العلاجية وخدمات الصحة النفسية وجراحة الطوارئ في حالات الإصابات الجماعية. ويتلخص الدرس الأساسي الذي تعلمناه من أول مشروع نفذته أطباء بلا حدود هناك عام 2019 في إثبات أن علاج سوء التغذية الشديد يحقق بالفعل نتائج أفضل إذا ما ترافق بالعلاج الفيزيائي والدعم النفسي الاجتماعي. وتضمن المشروع التجريبي تدريب الطواقم وكذلك إدخال إجراءات هدفها تسهيل تشخيص حالات تأخر النمو العصبي ومراقبة الأطفال الذين يشتبه بأنهم يعانون من تأخر في النمو مراقبة جيدة. ويسمح النموذج المقترح البدء بالعلاج الفيزيائي حتى لدى الأطفال المصابين بأشد أشكال سوء التغذية وفي وقت مبكر من المرحلة الأولى للعلاج. لكن كلما تحسن وضع الطفل كلما أضفنا تمارين تفاعلية جديدة في إطار جلسات يومية تحفز الأطفال بالاعتماد على اللعب. يشار إلى أن المنهج المقترح يسهل تطبيقه نسبياً، علماً أن العلاج الفيزيائي باعتباره إجراءً طبياً يعزز من استجابة المريض للعلاج بشكل عام. كما تسمح فحوص الكشف المبكر عن حالات تأخر النمو لدى الأطفال بتعديل الرعاية بالشكل المناسب والتركيز بشكل فعلي على المريض. فكشف أعراض تأخر النمو يساعد في الوقاية من الإعاقات. كما أن جلسات العلاج تحفز الأهالي وبالأخص الأمهات على المشاركة أكثر، مما يعود بنتائج إيجابية طويلة الأمد على الطفل ولا تقتصر على الرعاية الطبية.

هل هناك أية قصة من قصص المرضى أثرت فيك بشكل خاص وتود إطلاعنا عليها؟
كان من بين الأطفال الموجودين في مستشفى مورا طفلة عمرها 5 خمسة أعوام تعاني من ملاريا دماغية. بقيت في حالة غيبوبة لفترة زمنية أفاقت بعدها وهي غير قادرة على السير. ولم تكن قبيل ساعات من مغادرتها المستشفى قادرة بعد على الحركة بمفردها. كانت توقعات الأم إزاء طفلتها كبيرة جداً، فقد أرادت لها أن تمشي لكنها لم تبدِ دعمها لها. وكان فريق أطباء بلا حدود يعلم أن الفتاة ما لم تستطع السير فستجد نفسها في وضع قد يؤدي إلى إعاقة دائمة، إذ ستؤخذ إلى بيتها ويحتمل جداً أن تبقى دون مساعدة ودون التحفيز الذي لا بد منه كي تتعافى. لكن جلسة علاج وحيدة مدتها 45 دقيقة مكنت الفتاة من التحرك، فقد خرجت من المستشفى على قدميها وبدون مساعدة. تلك القصة ليست إلا تجلياً رائعاً للأثر الذي يمكن للعلاج الفيزيائي البسيط تحقيقه على صحة الأطفال ومستقبلهم.
لقد استكشفنا جميعنا خلال جائحة كوفيد-10 فرصاً جديدة ومختلفة للعمل عن بعد. هل يمكننا أخذ الطب عن بعد ومراقبة المرضى عن بعد في

عين الاعتبار عند تقديم العلاج الفيزيائي في الميدان؟
يمكننا في الحقيقة أن نرتقي بجهود العلاج الفيزيائي في مشاريعنا بالاعتماد على الطب عن بعد ومراقبة المرضى عن بعد. وقد بدأت منظمة أطباء بلا حدود بهذه المقاربة في علاج المرضى الذين يعانون من مضاعفات عظمية. كما يمكن تدريب الطواقم في الميدان خلال المهمات القصيرة ثم إتاحة الفرص أمامهم للمتابعة والتوجيه والإرشاد. ففي حالة المريضة التي لم تكن قادرة على السير بعد إفاقتها من الغيبوبة، قامت المنظمة بتوجيه الشخص المسؤول عن التقييم، من مسافة بعيدة وبحضور معالج فيزيائي متواجد في الغرفة ذاتها. ويمكن تحقيق هذا الأمر بتصوري عن بعد. فهذه الأدوات ستسهل دون شك إدخال خدمات العلاج الفيزيائي ضمن عملياتنا إذا ما استعنا بمعالجين فيزيائيين متمرسين يتمتعون بالمعارف الفنية المطلوبة لتحسين حالة المرضى وربما حياتهم.

   غراهام مكغريغر إس، شيونغ واي بي، كويتو إس، وآخرون. (2011) إمكانيات النمو والتطور خلال السنوات الخمسة الأولى بين أطفال البلدان النامية؛ مجلة لانسيت - العدد 369، الصفحات: 60 - 70.

© Fabrice Caterini / Inediz.

:صوت من الميدان
العلاج الفيزيائي للناجين من نوما

مقابلة مع فيكتور أولوالومولا، معالج فيزيائي يعمل في مشروع أطباء بلا حدود المخصص للناجين من نوما في سوكوتو، نيجيريا

ما الدور الذي تؤديه في مستشفى نوما في سوكوتو؟ وما هي أهم الأنشطة التي يتضمنها المشروع على صعيد العلاج الفيزيائي؟
باعتباري معالجاً فيزيائياً فإنني أسهم في تحسين وتعزيز والحفاظ على حركية أجزاء الجسم الأكثر تضرراً بمرض نوما والتي تشمل الفك والفم والأنسجة الرخوة المحيطة بها، علماً أن هذه معالجة تخصصية جداً. إذ نقدم في سوكوتو عدة أشكال من العلاج الفيزيائي بحسب المرحلة التي وصل إليها المرض. فأولئك الذين يصلون إلى المستشفى مبكراً، لا بد من وقايتهم من الضزز، وهو حالة مؤلمة تمنع المريض من فتح الفكين وبالتالي الفم. لكن بعض الناجين يعانون أساساً من الضزز وغيره من التبعات المدمّرة لمرض نوما، مثل ضياع النسج أو الندب أو التشوهات وتتطلب حالتهم الخضوع لسلسلة من العمليات الجراحية. كما أن حزمة الرعاية التي نقدمها لهؤلاء المرضى تتضمن العلاج الفيزيائي في مرحلة ما بعد العمليات الجراحية. نقدم كذلك العلاج الفيزيائي للأطفال الذين تأخروا في نموهم وتطورهم نتيجة سوء التغذية الذي يعد من عوامل الخطر التي تؤدي للإصابة بنوما وكذلك من التبعات التي تنجم عن هذا المرض. لكن مهما كانت المرحلة التي قد بلغها نوما، فلا بد أن يتضمن العلاج
الفيزيائي تدريب المرضى والقائمين على رعايتهم على متابعة العلاج في المنزل بعد الخروج من المستشفى

هلا حدثتنا عن الدور الذي تؤديه مقارنةً بباقي أفراد الفريق الطبي للمشروع؟
فريقنا فريقٌ متعدد التخصصات ويضم طواقم طبية وتمريضية وأخصائيي تغذية ومرشدي صحة نفسية. وينطوي عملي في جزء منه على دعم المقاربة العلاجية الشاملة التي نعتمدها. فحين يدخل المرضى المستشفى لأول مرة، فإنهم يُحالون إلي كي أقيّمهم. وهذا ما يسمح لنا بتحديد المرضى الذين يعانون من الضزز أو تأخر في النمو، ثم وضع خطة علاجية خاصة بكل منهم. كما نتعاون مع أخصائيي التغذية في علاج سوء التغذية والتصدي لمشاكل تأخر النمو والتطور. وهنا تتداخل جهودنا، حيث يساعد أخصائيو التغذية في تحسين قدرة المرضى على تناول الطعام واكتساب كتلة عضلية، فيما أركز في عملي على تحسين قدرتهم على فتح الفم وتعزيز قوة عضلاتهم. كما أنني أتعاون مع قسم الصحة النفسية. فحين يخلف نوما تبعات نفسية تطال المرضى والقائمين على رعايتهم، وحين يعانون كي يستوعبوا أهمية العلاج الفيزيائي أو يرفضونه، عندها يتحدث فريق الصحة النفسية إليهم ويساعدني في فهم مخاوفهم، حيث نعمل معاً لطمأنتهم وتزويدهم بالمعلومات

ما التحديات الكبرى التي واجهتها حين بدأت باستلام المرضى أول مرة؟
يتلخص التحدي الأكبر في نقص المعلومات حول المرض وكيفية ترقّيه. إذ أن الفترة الفاصلة بين بداية المرض وظهور التغيرات الجسدية لا تتجاوز أياماً معدودة. ولا يزال فهم الناس لنوما ضعيفاً مقارنةً بأمراض أخرى على غرار الملاريا والتي تستوطن المنطقة ويعرفها أهلها بشكل جيد. فحين يضرب نوما لا يكون معظم الأهالي مدركين لما يحدث لأطفالهم. إذ يلاحظون في البداية حدوث نزف في اللثة ويحاولون عندها غسل الفم. بعدها ينتفخ الوجه ويحدث ثقب في الخد، ثم يعقبه بغمضة عين ضياع في الأنسجة الرخوة. كل هذا يحدث بسرعة شديدة تجعل من الصعب تقبل ما يجري. لكن التعقيدات لا تنتهي هنا، إذ يخلف نوما عواقب طويلة الأمد تشمل الضزز الذي يظهر تدريجياً وببطء بحيث لا يمكن ملاحظته، إذ يأتي بعض المرضى إلى المستشفى وفكهم مقفل أساساً. كما يشعر القائمون على رعايتهم بالحيرة والعجز، ولهذا فإن أول خطوة نقوم بها هنا في سوكوتو تتمثل في مساعدتهم على فهم المرض وعلاجه، معتمدين على التوعية الصحية والإرشاد

© Claire Jeantet - Fabrice Caterini/Inediz.

كيف تواكبون مرضاكم وتبنون علاقتكم بهم؟

لا بد من بناء العلاقات مع المرض لنجاح عملنا. ولهذا يتعين على خلال جلسات العلاج أن ألمس المرضى وأتقرب منهم وأن أساعدهم على فهم مشاعرهم واستيعاب ما يجري. عادةً ما أعمل مع الأطفال دون سن الخامسة، إذ يكون الأطفال الأكبر سناً أكثر إدراكاً لما يجري. إلا أن الأطفال الصغار يبكون ويكونون خائفين. فحين يرونني وأنا أضع القفازات يعتقدون بأنني سأضمد جرحاً ولهذا تجدهم يخافون. لدي في مكتبي ألعاب، وعادةً ما نبدأ بجلسة علاج باللعب كي أسمح للأطفال بالتعرف والاعتياد علي. ثمة أيضاً صور للفت انتباههم وهي تتضمن وجوهاً باسمة، حيث أستخدمها كي أقول لهم بأنني صديق ولست عدواً. كما أنني أزور الأطفال في الجناح كي أقضي معهم الوقت، وهكذا أكسب ثقتهم التي تسهل علي جداً متابعة العلاج. كما أجد بعد فترة بأن الأطفال الذين كانوا خجولين وخائفين قد باتوا يتسللون إلى مكتبي للعب، كما أن بعضهم يناديني "بابا"

وعندما أعمل على بناء العلاقة بالأطفال فلا بد أن أبني كذلك علاقة بمن يرعاهم، فهم من تقع على عاتقهم مسؤولية متابعة التمارين اليومين للأطفال بعد تخريجهم من المستشفى. وهذا يشمل إجراء تدريبات مكثفة وفي بعض الأحيان تهيئة الظروف المناسبة لتوثيق علاقتهم بالأطفال بالاعتماد على جلسات العلاج باللعب. فحين يثق الطفل بمن يرعاه وتكون الرابطة التي تجمعهما قوية، تزيد فرصة متابعة العلاج في المنزل

كيف تنخرطون في العمل وبناء العلاقات مع الأهالي والمجتمع؟

تعد الأنشطة المجتمعية حجر الأساس في مشروع سوكوتو ويشرف عليها فريق خاص بها. أعمل مع طواقم التوعية الصحية كي أشرح لهم أكثر عن الضزز، بحيث يستطيعون أن ينقلوا هذه الرسائل للمجتمع. كما أنهم يساعدونني في التواصل مع أسر المرضى الذين تغيبوا عن مواعيد جلسات المتابعة. فحين أعلم بأن أحد القائمين عن رياضة مريض لم يتابع العلاج، تجدني أتصل بالتعاون مع فريق الصحة النفسية ببيت المريض للحديث مع أي شخص موجود، سواء الأب أم الزعيم المجتمعي، وذلك كي نشرح لهم آلية العلاج مرة أخرى ونطلب منهم دعم المريض بشكل أكبر

 ما هي أصعب التحديات التي تواجهك في عملك؟

تتمثل أهم التحديات في ضعف امتثال المرضى للعلاج. قد يتابع الطفل العلاج في المستشفى ويحقق نتائج رائعة، لكن لا يمكن لأثرها أن يستمر إلا إذا انصاع الطفل ومن يرعاه للتعليمات في المنزل. وقد نواجه تحديات في تدريب القائمين على رعاية الأطفال على تمارين العلاج الفيزيائي، إذ غالباً ما يصعب عليهم تذكر كيفية توجيه الحركات وكيفية تمطيط الأنسجة الرخوة ووضع خافض اللسان في الفم، وهو ما نستخدمه بشكل روتيني في العلاج الفيزيائي للناجين من نوما. وغالباً ما تزداد المصاعب حين لا يكون مرافق الطفل في المستشفى الشخص ذاته الذي سيعيش معه الطفل لاحقاً. لا بد من تدريب هذا الشخص وأن يكون قادراً على متابعة علاج المريض. لكن العديد من الأطفال يأتون إلى سوكوتو برفقة جدتهم ويعودون لاحقاً للعيش مع والديهم اللذين لا يعرفان كيفية متابعة العلاج

لذلك حين تكون خدمات العلاج الفيزيائي متوفرة على مقربة من المجتمع فسنكون قادرين على إحالة المرضى والتقليل من خطر تدهور حالتهم. لكن لا مكان نحيل إليه المرضى. إذ لا يوجد في شمال غرب نيجيريا سوى القليل من المعالجين الفيزيائيين، علاوةً على ضعف الوعي بالدور الذي يؤديه العلاج الفيزيائي في إطار الرعاية الطبية. كما أن تفاقم الاضطرابات في المنطقة يجبر المزيد من الأسر على الفرار. وحين ينزح الناس يصعب عليهم أكثر رعاية أطفالهم ومتابعة علاجهم، كما يصعب علينا أكثر متابعتهم في الوقت المناسب

هل هناك قصة من قصص المرضى علقت في ذاكرتك وتود أن تطلعنا عليها؟

أسمع قصص مرضى لم يقدروا على فتح أفواههم لسنوات، وبالكاد كانوا يستطيعون الكلام وكانوا يعانون لتناول الطعام حيث يضطرون إلى دفع قطع صغيرة من الطعام في الفراغات ما بين الأسنان. لكنهم حافظوا على قوتهم المذهلة رغم كل معاناتهم. وحين تلتقي بهم أول مرة تراهم منهكين. لكن بمتابعة العلاج تجدهم وقد شرعوا في الكلام والتفاعل والضحك، وحين يتخرجون من المستشفى في نهاية المطاف يكونون قد اكتسبوا ثقة تسمح لهم بأن يفعلوا ما يفعله باقي الناس

أذكر طفلاً كان يعيش مع جدته وكان قد أتى إلى المستشفى ولم يتبقّ من فتحة فمه سوى ميليمتر واحد. لكننا نجحنا خلال أسابيع قليلة في زيادتها إلى 6 ميليمترات. وحين عاد الصبي إلينا للمتابعة، ركض نحوي وصاح: "فمي مفتوح. فمي مفتوح". أخبرتنا جدته بأنه يستطيع تناول الطعام واللعب مع باقي الأطفال، كما أنه عاد إلى المدرسة. غالباً ما يترك الناجون من نوما مقاعد الدراسة نتيجة إعاقتهم ووصمة العار التي تلحق بهم، ولهذا فقد سعدنا حين علمنا بأن هذا الطفل قد حظي بفرصة جديدة لمتابعة تعليمه

جاءتنا أيضاً مريضة شابة لم تكن تستطيع الزواج لأن فكها مقفل. خضعت لعملية جراحية لعلاج الإقفال ونجحت بعدها بفضل العلاج الفيزيائي في فتح فمها. وحين عادت إلى سوكوتو أحضرت لي معها بطاقة دعوة لحضور زفافها. لا أزال أحتفظ بالدعوة معلقة في مكتبي، وكلما نظرت إليها زدت شجاعةً وتذكرت الأثر الذي يحققه عملي

© Isabel Corthier/MSF

لن يحدث أمرٌ يخصنا دون مشاركتنا
تجربة أطباء بلا حدود خلال عملها مع المجموعات الرئيسية
وكيفية تعزيز إدماج الأشخاص ذوي الإعاقة في عملياتنا

في حديث مع لوسي أوكونل، مستشارة شؤون المجموعات الرئيسية في الوحدة الطبية الجنوب إفريقية، ناقشنا وضع هذه المجموعات التي تعد الأكثر عرضةً لخطر الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز بهدف تسليط الضوء على آثار العنف الهيكلي/المنظم والإقصاء الاجتماعي وعوائق تأمين الرعاية على أولئك الذين يتعرضون للتجريم والإهمال. ومعاً نراجع عمل أطباء بلا حدود مع المجموعات التي تتعرض لوصمة العار إلى حد بالغ وكيف يمكن للدروس المستقاة من المشاريع المعنية بالمجموعات الرئيسية أن تعزز من إدماج ذوي الإعاقة في عملنا الإنساني. كما نركز على شبكات الأقران وتدريب الطواقم الطبية وتثقيفها والتعاون مع المنظمات التي يقودها المجتمع والخدمات المعدة خصيصاً لتلبية احتياجات معينة، إضافةً إلى مقاربة ترتكز على الحقوق والهدف منها المضي قدماً لإنجاز عمليات تدخل تعزز الإدماج بشكل أكبر
ما هي المجموعات الرئيسية وما سبب ضعفها في السياقات التي تعمل فيها طواقم أطباء بلا حدود؟

المجموعات الرئيسية هي المجموعات التي كنا نطلق عليها سابقاً مصطلح المجموعات عالية المخاطر أو المعرضة لمخاطر الإصابة بالأمراض المنقولة جنسياً وفيروس نقص المناعة البشرية. وقد كانت منظمة الصحة العالمية صاحبة القرار في صياغة هذا المصطلح لوصف المجموعات التي يرتفع لديها خطر الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية. يشار إلى أن 62 بالمئة من مجمل إصابات فيروس نقص المناعة البشرية اليوم تحدث بين أفراد المجموعات الرئيسية أو شركائهم ومجتمعاتهم[1] . وهذا ما يمثل نقطة ضعف هائلة وينطوي على مجموعة كبيرة من المشاكل البنيوية المعقدة. لكن ثمة قواسم تشترك بها المجموعات الرئيسية تشمل وصمة العار بالإضافة إلى تعرضها للتجريم في الكثير بل في معظم البلدان. وتضم هذه المجموعات العاملين في الجنس والرجال الذين يمارسون الجنس مع رجال آخرين ومتعاطي المخدرات والسجناء الذين يتعرضون للتجريم بحكم الأمر الواقع. نجد بين تلك المجموعت أيضاً المتحولين جنسياً وتحديداً النساء المتحولات جنسياً. أثار مصطلح "المجموعات الرئيسية" في البداية جدلاً وكانت هناك خشية من أن يفاقم من وصمة العار. لكن هذا لم يحدث، فقد لاقى المصطلح ترحيب وتقدير المجموعات الرئيسية على نطاق واسع وقد أسهم في التركيز على جهود المناصرة والتوعية بأهمية الاستثمار في الرعاية الصحية العامة في
إطار جهود مكافحة فيروس نقص المناعة البشرية.

بعيداً عن التجريم، ما هي الخصائص المشتركة التي تجمع بين أفراد المجموعات الرئيسية؟

نتحدث عن مجموعات ينبذها المجتمع بسبب ’اختلافها‘ أو ’غيريّتها‘، ممّا يغذي وصمة العار والتمييز. وهذا يتفاقم بوجود عوامل أخرى كالفقر، والتعرض للعنف، والجنس، والإعاقة، وصعوبة الحركة والتنقل. بالنظر إلى فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز، فإن الدخول إلى الفئة عالية الخطورة يمر في دوامة ترتبط بالفقر الذي لا يزال السمة البارزة التي يتقاسمها أفراد المجموعات الرئيسية. فهؤلاء الناس عرضة لمخاطر صحية نظراً لأوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية، وتجدهم يعيشون في ظروف يخيم عليها العنف. هذا ويعد التصدي لمسألة القواعد المعيارية الخاصة بالجنسين من المواضيع الأكثر تعقيداً. إذ أن مخالفة الأعراف والأدوار في إطار قواعد الجنسين والتي تتجلى في مصادر رزق المجموعات الرئيسية تعد من بين أهم مسببات العنف الذي يستهدف هذه المجموعات، وبالأخص العاملين في الجنس والرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال والذين يعتبرون "مؤنثين". ويميل الجناة لأن يكونوا شخصيات سلطوية ذكورية يغلب عليها النمطية، وغالباً ما يكونون من أفراد الشرطة. ولهذا فإن فهم وقبول مجتمعات المجموعات الرئيسية لمفاهيم اختلاف تعريف الجنس لدى البشر والتنوع القائم في هذا الإطار يعتبران من أهم العوامل التي تسمح بالتصدي لاحتياجات هذه المجموعات. فالمجموعات الرئيسية تتمتع بديناميكية معينية، حيث أن الشخص ينتمي إليها في مرحلة ما من الحياة، لكن يندر أن يبقى فيها للأبد. كما أنها متنقلة. فنظراً للتجريم الذي تمارسه الدولة أو الأسرة، نجد بأن أفراد المجموعات الرئيسية يميلون للابتعاد والتوجه إلى أماكن لا يكونون على معرفة بهيكليتها الاجتماعية. وإذا ما أسعفهم الحظ بلقاء أقران لهم فيسيجدون سبيلاً ما للبقاء، خاصةً وأن عملية الإقصاء تخفّ بلقاء أشخاص آخرين تجمعهم بهم صفات مشتركة. تبني هذه المجموعات في بعض الأحيان مقومات مذهلة على صعيد النشاطيّة والتمكين قد تساعدها في التصدي للعوامل التي تؤدي إلى إقصائها، كما قد تلهمها كي تتواصل مع مجموعات مهمشة أخرى وتقدم لها الدعم. الهجرة والتشرد من السمات التي تشترك فيها أيضاً تلك المجموعات بالرغم من أنها لا تتصدر المشهد حينما نفكر بفيروس نقص المناعة البشرية نظراً لتركيزنا الشديد على الأدوية وتوفير العلاج. فالمجموعات الرئيسية قد تعيش في ترحال وقد تكون مشتته هنا وهناك ويصعب تعقبها. 

كيف تضمن طواقم أطباء بلا حدود الوصول إلى هذه المجموعات؟

لا بد من الثقة. إذ يصعب الاقتراب من تلك المجتمعات ما لم نكن على تواصل مع ممثلين عن المجموعات الرئيسية. فإذا ما نجحت في لقاء شخص أو اثنين من إحدى الشبكات ونجحت في كسب ثقتهم بما يكفي للتعريف بك، فإنك ستتمكن من الوصول إلى هذه المجموعات. أذكر كيف كنا محظوظين جداً حينما تواصلنا لأول مرة مع المجموعات الرئيسية في مشروع فيروس نقص المناعة البشرية الذي كنا نديره في تيتي، في موزمبيق [2]. فقد شاهدتنا مجموعات من العاملين في الجنس من زيمبابوي وعلمت أننا ننتمي إلى أطباء بلا حدود حين رأت سياراتنا البيضاء تجول المنطقة لتوفير مضادات الفيروسات، ولهذا فقد أتوا إلينا وقرعوا الباب وقالوا: "نرى منظمة أطباء بلا حدود في المنطقة لكننا لا نستطيع الحصول على العلاج في تيتي لأننا لسنا من موزمبيق". تتبعناهم والتقينا بمجتمعاتهم، ثم بدأنا نحدد الشبكات التي ينتمون إليها وسرعان ما أدركنا بأن المشكلة كانت أكبر بكثير: فقد أدت مصاعب الحصول على الرعاية إلى إلحاق الأذى بالعاملين في الجنس القادمين من زيمبابوي كما أثرت أيضاً على العديد من المجموعات الأخرى المتوارية عن الأنظار في العديد من التجمعات. إذ تبين لنا أن الوصول إلى العاملين المحليين في الجنس أصعب، لكننا نجحنا بمرور الوقت في تثقيف أنفسنا وتفهم التنوع والحدود المبهمة التي تفصل بين تلك المجموعات. فبمجرد أن تلتقي بأحد الأقران الصادقين بحق تزداد فرصك في الوصول إلى المجتمعات وتأمين الرعاية للناس.

عند تأمين الوصول إلى هؤلاء الناس، ما الدور الذي يؤديه الأقران وشبكات الأقران في توصيل المساعدات؟

نعمل على تحديد الأقران المتمتعين بموهبة التواصل ويدفعهم شغفهم بحقوق الإنسان حيث يؤدون دور مسؤولي التواصل. كما نوظف بعض الأقران لتأدية مهام عمال الرعاية الصحية المجتمعية، لكن عددهم يعتمد على تعداد المجموعة التي نعمل معها. يشار إلى أننا لا نطلب أية مهارات فنية عند توظيفهم وذلك كي نسهل على المهتمين بالعمل مع أطباء بلا حدود التقدم للوظيفة والانضمام للفريق. لكننا نعمل على تدريبهم وبناء قدراتهم بعد توظيفهم، وذلك كي يتعلموا كيفية تقييم الاحتياجات والتعرف على الثغرات والاضطلاع بدور قيادي في إعداد عمليات تدخل يقودها المجتمع بالتعاون مع نظرائهم من المنطقة وباقي أنحاء البلاد تعزيزاً لمصداقية قضيتهم. هذا وتتضمن مهامهم في بعض السياقات إجراء فحوصات للكشف عن فيروس نقص المناعة البشرية وتقديم الإرشاد في هذا الخصوص، إضافةً إلى توفير مانعات الحمل والأدوية الوقائية التالية للتعرض لفيروس نقص المناعة البشرية، علاوة على تأمين مواد أساسية أخرى كالواقيات الذكرية والمزلقات. أما خلال جائحة كوفيد-19 فقد تعلمنا درساً مهماً وهو أن المشاريع التي تتضمن برامج قوية يقودها الأقران تنجح في تخفيف آثار هذه الأزمة حيث أن الأقران يبحثون بأنفسهم ويجدون ويفعلون. إذ لا يفترض أن يقتصر العمل على العيادات. إنما يمكن تحقيق الكثير على الصعيد المجتمعي وفي عيادات الخدمات الشاملة وعن طريق إيصال الأدوية إلى البيوت وكذلك عن طريق خدمات الطب عن بعد. وهنا تبرز حقيقة أن المجتمعات تعرف كيف تصل إلى نفسها. لكن دور أطباء بلا حدود يتلخص في ضمان فهم وجهات نظرهم واحتياجاتهم كي نؤمن لهم الرعاية وذهننا منصب على فكرة "لن يحدث أمرٌ يخصهم دون مشاركتهم"، فيما هم يقولون: "لن يحدث أمرٌ يخصنا دون مشاركتنا" [3]. وللمضي قدماً لا بد من إيجاد أشخاص يضطلعون بمهام التواصل مع المجموعات المستضعفة على الصعيد المحلي ولا بد من تدريبهم ومدهم بما يحتاجون إليه

هل تقومون كذلك بتدريب وتوعية طواقم أطباء بلا حدود وطواقم وزارة الصحة الذين ينخرطون في العمل مع الأقران والمجموعات التي يمثلونها؟

توعية الطواقم عملية تصب في جوهر كل شيء. فتحديد المسؤول عن توفير الخدمات الصحية للمجموعات الرئيسية أمرٌ أساسي. وما لم يكن هذا الشخص ودوداً وكان يمارس التمييز ويعيّر الناس فإننا نكون قد وصلنا إلى النهاية وفقدنا قدرتنا على الوصول إلى الناس. الأمر بهذه البساطة. وهذا أحد الأسباب التي تصعب جداً الاستمرار في توفير الخدمات للمجموعات الرئيسية وغيرها من المجموعات المستضعفة بعد تسليم هذه المشاريع. ولهذا ينبغي أن يكون هناك تكرار للتدريبات وورش العمل في المشاريع التي تركز على المجموعات الرئيسية ولا بد من أن تشمل ممثلي هذه المجموعات. ولا بد من التوعية بالمسائل الحساسة غير الطبية في مقاربتنا التي نعتمدها إزاء فيروس نقص المناعة البشرية. فمنظمة أطباء بلا حدود تتعاطى مع جائحة فيروس نقص المناعة البشرية منذ زمن طويل، حيث تؤمن الفحوصات والعلاج، لكنها غالباً لا تتحدث عن المخاطر الجنسية والنشاط الجنسي والشركاء الجنسيين. وهنا نقف أمام مفارقة لكنها في الوقت ذاته ثغرة، إذ ما لم نستطع الحديث عن الجنس فإننا لن نستطيع الحديث عن فيروس نقص المناعة البشرية. ولتأمين الرعاية الصحية لأولئك المعرضين لمخاطر الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية لا بد من الحديث بحرية عن الجنس وإزالة الغموض الذي يكتنف هذا الموضوع بالنسبة لنا كي نخفف من أحاسيس الذنب والعار التي قد تتلبس الناس الراغبين في الحصول على الخدمات الصحية الجنسية والإنجابية، والأمر ذاته ينطبق على الحديث حول الجنس الإيجابي. فالكثير من عاملات الجنس وطواقم أطباء بلا حدود والأشخاص من ذوي الإعاقة يكبرون دون أية معلومات أو معارف عن حقوق الإنسان الأساسية. وأعتقد أن على منظمة أطباء بلا حدود أن تؤدي في إطار جهود التوعية الصحية دوراً يركز على توطيد حقوق الإنساني وذلك في سبيل التوعية والتمكين. وبما أن طواقمنا ليست بالضرورة ضليعة في خطاب حقوق الإنسان، فلا بد من الانخراط مع المجتمع بالتعاون مع منظمات أخرى تعمل في إطار مقاربة تركز على الحقوق

كيف تتعاون أطباء بلا حدود مع المنظمات الأخرى في سياق الانخراط مع المجتمع؟ وما هي الفوائد التي يعود بها هذا التعاون؟
قمنا في بعض المشاريع بدعوة أشخاص من بلدان أخرى كي يدربون طواقمنا على مقاربات التواصل مع المجتمع والتي تشمل آليات التخطيط الجزئي الذي يقوم على إلغاء مركزية عملية اتخاذ القرار وتسليمها لمجموعات الأقران والحرص على مساهمة المجتمع المستمرة التي ترتكز على الحماس بدلاً من تلقي الإرشادات والحوافز من قبل عمال الإغاثة. ولتحقيق أفضل النتائج لا بد من تسليم مهمة التدريب على هذه الآليات للعاملين في الجنس أو الرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال أو متعاطي المخدرات الذين عملوا سابقاً على تدريب أشخاص آخرين مشابهين لهم. ولا بد أن يبنع المقوّم الاجتماعي الذي يحدد أطر العمل من شخص آخر متمرس، لكن بما أنه لا يتوفر لدينا عدد كافٍ من هؤلاء الأشخاص فإننا نطلب مساعدة منظمات محلية ودولية تركز على مجتمعات المجموعات الرئيسية من زيمبابوي أو من جنوب إفريقيا وذلك للمجيء إلينا وتدريب طواقم أطباء بلا حدود في مختلف البلدان.
لا بد أيضاً من ربط المشاريع بكل أصحاب المصلحة والمعنيين على الصعيد المحلي ممن يعملون مع المجموعات الرئيسية. لكن إذا ما أخذنا بعين الاعتبار الظروف السائدة في موزمبيق أو ملاوي أو كينيا أو مصر أو غيرها من البلدان التي نعمل فيها وكذلك البيئة القانونية في كل منها، فإننا نجد أن تلك المنظمات الأخرى قد تفتقر إلى التمويل والدعم. حيث لا يمكنها في بعض الأحيان الإسهام في مشاريعنا بدرجة يمكن الاعتماد عليها نظراً لعدم قدرتها ببساطة. وهنا قد نشجع على مشاركة المنظمات الدولية التي تتمتع بما يكفي من التمويل، علماً أن ندرس حالياً فرص تعزيز عملية بناء قدرات المنظمات الناشئة التي يقودها المجتمع. ومن أمثلتها منظمة SWED في ملاوي، وهي عبارة عن مجموعة من عاملات الجنس اللواتي يخطون خطوات جبارة في بناء منظمتهن. وقد سمعت لتوي بأنهن استأجرن مكتباً. يشار إلى أننا أسهمنا في بناء خمس منظمات صغيرة ترتكز على المجموعات الرئيسية

هل تصادف فرق أطباء بلا حدود العاملة في مشاريع تركز على المجموعات الرئيسية أشخاصاً من ذوي الإعاقة وهل تقدم لهم العلاج؟

بمجرد أن نتعرف على شبكات الأقران والمجتمعات فإننا نبدأ بملاحظة التنوع الذي تنطوي عليها. ونصادف بين الحين والآخر شخصاً من ذوي الإعاقة، علماً أنهم يعانون غالباً من الإقصاء نتيجة إعاقتهم، ناهيك عن تركهم لمقاعد الدراسة وامتهان الجنس لكسب رزقهم. ينتمي هؤلاء الأشخاص لمجموعات من الأشخاص الذين يتعلقون ببعضهم ويساعدون بعضهم بعضاً، لكنهم يفهمون المصاعب الإضافية التي يعاني منها الأشخاص المعرضون للعنف والاستغلال. فاستغلال العاملين في الجنس حدثٌ يومي وثمة علاقة بين الإعاقة والتعرض للاستغلال والعنف. إذ يرجح أن يتعرض ذوو الإعاقة لمعاملة قاسية.
 أذكر إحدى عاملات الجنس من مشروعنا في ملاوي. كانت تعاني من الحدب، فقد كان ظهرها منحنياً بشكل غير طبيعي وكانت تلتوي في مشيتها نتيجةً لذلك. وكانت تنتمي لمجموعة من ست نساء. كنّ جميعاً يضحكن ويرقصن معاً وكان الدعم يأتيها من أخواتها عاملات الجنس. قد لا تنظر هذه المرأة إلى مفهوم ’الأخوية‘ من منظور رومنسي، غير أننا نجد تعاضداً إلى حد ما بين عاملات الجنس، علماً أن الأمر ذاته ينطبق على الرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال الآخرين والسجناء ومتعاطي المخدرات. يشار إلى أن أولئك الذين ينتمون إلى شبكات تعاني من الضعف والتجريم والتهميش يميلون إلى تعريف ذاتهم بطريقة تجمعهم معاً، فحين يدركون ذواتهم كجزء من مجموعة تجدهم يشعرون بالأمان بفضل الدعم الذي يحصلون عليه. إذ يبدو أن عملية الإقصاء لا تمتد إلى داخل هذه المجموعات بل تنتفي: فلم أشهد في حياتي أشخاصاً من ذوي الإعاقة يواجهون الرفض من قبل هذه الشبكات، باستثناء أولئك الذين يعانون من إعاقات عقلية شديدة تحرمهم من إمكانية التواصل والتعاطي مع الآخرين. رايت في أحد مشاريعنا عاملة جنس مصابة بالصمم كانت قد وجدت لنفسها ووليدها مكاناً في إحدى المجموعات على الرغم من عدم إجادة أي شخص آخر في المجموعة للغة الإشارة. لكن الأمور تبلغ حدّها الأقصى من الصعوبة حين تغيب الأخويات ويغيب التعاضد والتعاون، أو حين لا تكون تلك المجموعات قد نشأت بعد. أما أولئك المنسيون الذين يواجهون الإقصاء ولا يحصلون على الدعم، فعادةً ما يكونون أفراداً جدداً في المجموعة التي ننظر إليها.
يبدو أن ثمة أوجه تشابه عديدة بين التحديات المحيطة بالمجموعات الرئيسية وتلك التي يواجهها ذوو الإعاقة في السياقات التي نعمل فيها. وصحيح أن فرق أطباء بلا حدود تعمل منذ أعوام مع أولئك المعرضين بشدة لخطر الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية، إلا أن إدماج ذوي الإعاقة في عمل أطباء بلا حدود لا يزال موضوعاً حديث العهد نسبياً. لكن بالاستناد إلى تجاربنا في مشاريع مكافحة فيروس نقص المناعة

البشرية، ما الذي يمكننا فعله لتعزيز إدماج المجموعات الأخرى المستضعفة بمن فيها ذوو الإعاقة في عملياتنا؟

تعلّمنا من أحد الدروس المهمة بأن علينا توفير خدمات متنوعة شاملة في المرافق الصحية بالإضافة إلى خدمات موازية مخصصة لأغراض معينة. فبإمكاننا بناء نظام أنشطة خارجية موازٍ يقوم مثلاً على العيادات المتنقلة التي تسمح لنا بكسب ثقة مجتمعات ذوي الإعاقة. وغالباً ما تتحقق الثقة بتمثيل المجتمع ومشاركته في عمليات صناعة قرارات البرامج، إضافةً إلى بناء القدرات التي تسمح للأقران بإدارة بعض جوانب المشروع. وإنني أرى هنا دون شك تشابها مع المجموعات الرئيسية وإمكانية لتطبيق أدوات وآليات إدماج مماثلة كالعيادات الشاملة أو مراكز الخدمات المعدة لاستقبال الجميع والتي تنخرط في العمل مع الناس بأسلوب لا يغلب عليه الطابع الطبي البحت. كما أن المساعدات يجب أن تتضمن مكوناً يقوم على التعاضد الاجتماعي عند العمل مع مجموعات تتعرض للتجريم ووصمة العار والحرمان من المشاركة، والتي يعاني منها في العديد من السياقات كل من أفراد المجموعات الرئيسية والأشخاص ذوي الإعاقة. هذا وقد يُنظَر أحياناً إلى الصحة النفسية وتعاطي المخدرات والكحول على أنها شكل من أشكال الإعاقة التي تعرض أصحابها لوصمة العار وتحرمهم من إمكانية الحصول على الرعاية، وهذا أيضاً من أوجه التشابه مع المجموعات الرئيسية. وثمة حاجة إلى بناء مساحة إبداعية كما ندعوها... مساحة تتيح لمرضانا التصرف بعفوية، حيث يحظون بالقبول على ما هم عليه، وحيث يحصلون على خدمات ومعلومات معدة خصيصاً كي تناسب احتياجاتهم، وحيث يمكنهم بناء ثقتهم بأنفسهم وممارسة حقوقهم. وهذا ما يؤمن أيضاً مساحة للحماية والمناصرة... مساحة تسمح بالكشف عن الفجوات التي تعاني منها المساعدات التي تحصل عليها هذه المجتمعات. فحين نتحدث عن ذوي الإعاقة نجد أن بعض الحلول يمكن أن تتلخص في التدريب على لغة الإشارة أو تزويد المراكز الصحية بممرات ومسارات منحدرة خاصة أو اتباع مناهج دراسية تعزز الإدماج. يشار إلى أن اتباع هذا النموذج وترسيخه بين المجموعات التي تتعرض للتجريم والإقصاء من شأنه أن يضفي إحساساً بالتعاضد الاجتماعي والتمكين. ولدعم هذه العملية يمكننا أيضاً بناء شراكات مع أصحاب الشأن والأطراف المؤثرة في مجال الصحة ومساءلتها كي تنشر المعلومات بين ذوي الإعاقة، وإعداد مواد مناسبة للتوعية الصحية تقوم مثلاً على لغة بريل أو تتضمن تعديلات أو تقنيات أخرى، وضمان عدم إهمال ذوي الإعاقة وغيرهم من المجموعات المستضعفة

ما الأثر الذي يمكن أن يحققه تمكين الأقران؟

تتعاون منظمة أطباء بلا حدود مع منظمات خارجية لتدريب الأقران على أساليب الحديث عن الحقوق والعنف، وهذا ما سمح مؤخراً للأشخاص المتواجدين ضمن تلك المشاريع بإنشاء منظماتهم الخاصة الصغيرة التي يقودها المجتمع. وهكذا فإن الهوية الجديدة التي اكتسبتها هذه المنظمات تمكنها من الإسهام في مجتمعاتها والتحول إلى منظمات شاملة دامجة قادرة على إعطاء دفعة لقضايا حقوق الإنسان. لكن هذه المنظمات التي يقودها المجتمع تواجه تحدياً رئيسياً يتمثل في التمويل وبناء القدرات، علماً أن منظمة أطباء بلا حدود تدرس دعم هذه الجهود في بعض السياقات. فتمكين الأقران يساعدنا أيضاً ويسمح لأطباء بلا حدود بالتأقلم وتحسين عملية الاستجابة. في أحد الأيام أتت إلي أول عاملة جنس متخصصة في تثقيف الأقران ضمن المشروع القائم في تيتي وتدعى مارتا، حيث قالت: "يسعدنا أن تقدم لنا منظمة أطباء بلا حدود حاجتنا من الأدوية المضادة للفيروسات، لكنني قلقي الأكبر هو رحمي، لأنه مقتلنا". كانت تقصد في حديثها سرطان عنق الرحم وحالات الإجهاض غير الآمن. وقد كان ذلك مهماً بالنسبة لي: فقد أدركت فجأة كيف تؤثر العوامل المحيطة بكليتها في حياة مرضانا وكيف تستحوذ هذه الآليات عليهن. فمهنة الطب تضعنا في بعض الأحيان في صوامع، حيث نعمل مع مرضى فيروس نقص المناعة البشرية أو السل أو التهاب الكبد الفيروسي C، وبالتالي قد يصعب علينا النظر إلى الشخص بكليّته، وهنا يأتي دور الأقران الذي يفتحون أعيننا على الواقع. فقد كانت تلك المحادثة لحظة مفصلية جعلتنا كمنظمة أطباء بلا حدود نفكر في إدماج رعاية المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية وخدمات الصحة الجنسية والإنجابية. لكننا اليوم نتحدث عن الإدماج والرعاية التي تركز على الأشخاص في كل مكان، بينما كانت مارتا تطالب بهذا في عام 2013. وقد سلط ما حدث الضوء على الحاجة إلى توفير خدمات شاملة والنظر إلى الأشخاص بكليتهم. سلمت منظمة أطباء بلا حدود مشروعها في تيتي إلى وزارة الصحة عام 2018 ولا تزال مارتا تعمل في مجال تثقيف الأقران وتقود مجتمعها. وهي تتشارك اليوم عبر مجموعة متواجدة على تطبيق واتساب رسائل عن الآليات التي يعتمدها مجتمعها في التعامل مع أزمة كوفيد-19
     [1] 
بيانات برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز 2020، الصفحة 4. 
[2]
سلمت منظمة أطباء بلا حدود المشروع لوزارة الصحة في عام 2018، بعد أن كانت فرقنا قد عملت مدة 16 عاماً في تيتي معتمدةً على مقاربة مبتكرة لتعزيز وتوسيع جهود رعاية المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية بما في ذلك مجموعات العلاج المجتمعية التي تتخصص في تأمين مضادات الفيروسات إضافةً إلى مبادرة مجتمعية لمراقبة وعلاج مشاكل إمداد أدوية فيروس نقص المناعة البشرية والسل
[3]
قامت حركة حقوق ذوي الإعاقة بصياغة هذا الشعار ونشر هذا المبدأ الذي يقول "لن يحدث أمرٌ يخصنا دون مشاركتنا" وبات اليوم شائعاً على صعيد العاملين في الجنس وغيرهم من المجموعات الرئيسية. مثال للاطلاع: دليل الممارسات الجيدة لبرامج الإدماج الخاصة بالعاملين في الجنس من إعداد مجموعة عمل التثقيف والتوعية الخاصة بالعاملين في الجنس
© Claire Jeantet - Fabrice Caterini/INEDIZ

نوما - الدروس المستقاة من العمل مع الناجين من مرض مهمل ويسبب التشوهات

نوما مرض مهمل يصيب غالباً الأطفال الفقراء دون سن الخامسة. وهو عبارة عن إصابة غير معدية تبدأ بالتهاب في اللثة أشبه بتقرح صغير في الفم. غير أن هذه الإصابة تؤدي إلى أذية العظام والنسج بسرعة كبيرة، ملحقةً الأضرار بالفك والشفتين والخدين والأنف والعينين. لكن لا يكون للأهل عادةً أدنى فكرة عمّا يحدث لأطفالهم، علماً أن عدوّهم الألد هنا هو الوقت. فصحيحٌ أنه يمكن علاج نوما بسهولة وبفاعلية بالاعتماد على المضادات الحيوية، إلا أنه يبقى غالباً بلا تشخيص، حيث يؤدي غياب العلاج إلى وفاة 90 بالمئة من المصابين خلال أول أسبوعين. أما الناجون فيعانون من تشوهات في الوجه تصعّب عليهم تناول الطعام أو الكلام أو التنفس أو الرؤية، ناهيك عن الوصمة الاجتماعية الشديدة التي يواجهونها. وفي سوكوتو في شمال غرب نيجيريا، تتعاون منظمة أطباء بلا حدود مع وزارة الصحة النيجيرية على إدارة المستشفى الوحيد في البلاد وأحد مستشفيات قليلة في العالم مخصصة كلياً لعلاج هذا المرض المهمل. يركز المشروع على الجراحة التقويمية ودعم الصحة النفسية والأنشطة الخارجية المجتمعية وتعقب الحالات والتوعية الصحية (noma.msf.org)
مقابلة مع مارك شرلوك، مستشار أطباء بلا حدود الصحي المسؤول عن نيجيريا والعراق والأدرن، حول أثر نوما ودور مشاركة المجتمع في الوقاية من وصمة العار ومكافحتها والمقاربات التي من شأنها تعزيز إدماج ذوي الإعاقة في المشاريع الميدانية في سياق هذا المرض الذي لا يُعرَف عنه إلا القليل

يتسبب نوما بتشوهات شديدة قد تؤدي إلى مشاكل في الكلام وصعوبات في تناول الطعام ومضاعفات تنفسية وإعاقات بصرية. لكن ما أثر هذه التحديات ووصمة العار الاجتماعية على الصحة النفسية للناجين ومهاراتهم الإدراكية؟

يعاني الأطفال المتضررون بنوما من عزلة شديدة، إذ يُبعَدون عن مجتمعهم وعن باقي الأطفال، ويُحرَمون من أية فرصة للتعليم المدرسي. وهكذا تتقلص قدرتهم على التعليم والنجاح إلى حد بعيد، مما يعيق تطورهم العقلي والإدراكي. فحتى لو نجا الطفل من نوما، علماً أن مريضاً واحداً فقط من كل عشرة مرضى ينجو دون الحصول على العلاج في الوقت المناسب، وحتى لو نجحنا في إصلاح ما أمكننا إصلاحه من الندب الجسدية التي يخلفها هذا المرض، فإنه يصعب عليهم اللحاق بأقرانهم. ولهذا فقد وضعنا في سوكوتو فريقاً للصحة النفسية هدفه مساعدة المرضى على تعزيز ثقتهم واعتدادهم بأنفسهم وكذلك التقليل من أعباء الصحة النفسية. ويقوم الفريق في هذا الإطار بدعم إعادة اندماج الناجين في مجتمعاتهم. ويمكن أن يؤثر نوما على المحطات التطورية في حياة الأطفال. ولهذا فكلما أسرعنا في علاج الأطفال كلما زادت فرصهم في اللحاق بتلك المحطات وبالتالي تعزيز إمكانية عودة اندماجهم في ركب الحياة الطبيعية

بعيداً عن العمليات الجراحية التقويمية، هل تؤمن فرق أطباء بلا حدود العلاج الفيزيائي (الطبيعي) أو أية أشكال أخرى من إعادة تأهيل المرضى الناجين من نوما؟

العلاج الفيزيائي مكوّن لا غنى عنه في الرعاية التي نقدمها للناجين من نوما. فحتى قبل إجراء أية عمليات تقوم طواقمنا بتأمين العلاج الفيزيائي للوقاية من الضزز (عدم القدرة على فتح الفكين). وندرب الأطفال في هذه الحالات على بعض التمارين التي يمكن لهم ممارستها في المنزل بعد الخروج من المستشفى. أما في حال خضع المريض لعملية جراحية، فإننا نبدأ بالعلاج الفيزيائي بعد يوم أو يومين من العملية. كما يشمل برنامج نوما علاجاً مهنياً للبالغين وكذلك بعضاً من جوانب الاندماج الاجتماعي

هل يقبل المجتمع الناجين الذين عادوا إليه؟ وما الذي تضطلع به منظمة أطباء بلا حدود لتعزيز فرصهم في إعادة الاندماج؟

ننفذ أنشطة توعية صحية في المجتمعات هدفها تثقيف الناس وتعزيز الوقاية والتشجيع على كشف الحالات، إذ أن زيادة الوعي والمعرفة بنوما تمكننا من كسر الحواجز التي يواجهها الناجون. ونأمل أن تسمح لنا جهودنا في هذا الإطار بتعزيز قبول المجتمع لهؤلاء الأشخاص واعترافه بهم. كما نتعاون مع كل من يقدم الرعاية الصحية لتحسين الأسس المعرفية والوقاية من وصمة العار الطبية.

على ماذا ينصب تركيز جهودكم التعاونية تلك وكيف من شأنها الإسهام في منع الوفيات والإعاقات الناجمة عن نوما؟

نعمل بشكل مباشر مع طواقم وزارة الصحة والمعالجين التقليديين الذين يكونون في العادة الخط الأول الذي يقدم الرعاية الصحية في المناطق الريفية في نيجيريا[1]. وقد كشفت لنا أبحاثنا العملية بأن المعالجين التقليديين كانوا على استعداد لإحالة المرضى المصابين بنوما لتلقي العلاج إنما في مرحلة متأخرة بعض الشيء، خاصةً وأنهم يجدون سهولة في علاج الأعراض المبكرة للمرض. ولهذا فإننا نسعى إلى إيصال رسالة تؤكد لهم رغبتنا في رؤية المرضى الذين يأتون إليهم في أسرع وقت ممكن لأن المدة الزمنية السانحة لعلاجهم بالمضادات الحيوية وإنقاذ حياتهم قصيرة جداً. يشار إلى أن المعالجين التقليديين يتقبلون هذه المعلومات برحابة صدر وقد ساعدت جهودنا التثقيفية في بناء معارفهم وتعزيز وعيهم. ونأمل أن يساعدنا هذا في الكشف عن نوما مبكراً وتوفير العلاج المناسب في الوقت المناسب

الكشف الفاعل عن الحالات أيضاً جزءٌ من الاستراتيجية المتبعة في سوكوتو. هل تركز هذه الجهود على الأطفال في مرحلة الأعراض المبكرة أم على الناجين المؤهلين للعمليات الجراحية التقويمية؟

العثور على الناجين أسهل دون شك، فهم يعانون من تشوهات واضحة ويمكن للعائلات وزعماء المجتمع التعرف عليهم وتحديدهم. أما الكشف عن الحالات المبكرة فيعد أكثر تعقيداً خاصةً وأن المصابين لا يعانون سوى من تورم في اللثة التي تكون ملتهبة ومتضخمة ومحمرّة أكثر من العادة. ولتحديد الأطفال المصابين بهذه الأعراض لا بد من دخول المجتمع والتحري عن الحالات واصطحاب هؤلاء الأطفال إلى المركز الصحي لتلقي العلاج. وصحيحٌ أن جهود التحري تسمح لنا بإيجاد الحالات في مرحلة معينة، إلا أننا بحاجة إلى المثابرة والاستمرار في جهود البحث عن الإصابات. ولهذا تعمل منظمة أطباء بلا حدود مع عمال الصحة المحليين لتثقيفهم وإطلاعهم على آليات تحديد الأعراض، ولضمان فحص الأطفال للكشف عن نوما في جميع العيادات التي نتعاون معها

هل هناك أية مجموعات محددة معرضة للإصابة بنوما ومتضررة بالمرض لكن يصعب الوصول إليها؟

هناك مجتمعات رعوية تعيش في شمال شرق نيجيريا ويصعب الوصول إليها لأنها في ترحال دائم، لكنها عرضة للإصابة بنوما نظراً لسوء التغذية والمصاعب التي تواجهها في تأمين المياه النظيفة. كما أن تفاقم الأوضاع الأمنية في المنطقة تضعنا أمام تحديات أكبر في الوصول إلى المجتمعات المتضررة بالعنف. هذا ونرى عدة عوامل ضعف تعاني منها تلك المجتمعات، غير أن النزاع يحدّ من قدرتنا على العمل الذي نخشى أن يزداد صعوبة مع مرور الوقت. ولهذا علينا إيجاد حلول جديدة من شأنها أن تسمح لنا بالانخراط مع هذه المجتمعات عن بعد

ما هي العناصر الأكثر أهمية في بناء المقاربة الشاملة للتدخل في سياق نوما؟

لا ينفع العمل الجراحي سوى واحداً من أصل كل عشرة ناجين من المرض، ولهذا علينا علاج التسعة الباقين الذين يلاقون حتفهم. وهنا تبرز الأهمية القصوى لخدمات الرعاية الصحية التي لا بد أن تتوفر وتسمح للأهالي بإحضار أطفالهم الذين يعانون من التهاب في اللثة إلى العيادة، حيث يمتنع الأطفال عن تناول الطعام في هذه المرحلة نظراً لشدة الألم. وحين تتأمن خدمات الرعاية الصحية يمكننا علاج الأطفال بالمضادات الحيوية، الأمر الذي يتيح لهم النجاة. هناك جانب آخر يتلخص في اللقاحات. فنوما مرضٌ مرتبط بنقص لقاحات الحصبة، وقد بينت البيانات الواردة من مستشفى سوكوتو بأن 14 بالمئة فقط من الأطفال قد حصلوا على هذا اللقاح، وهذا ما يكشف عن مدى صعوبة تأمين اللقاحات على صعيد المجتمع. وهنا تبرز ما تفرضه الأمراض التي يمكن الوقاية منها من أعباء على كاهل المنطقة. فالحصبة والملاريا وفيروس نقص المناعة البشرية وغيرها من الأمراض يمكن أن تضعف جهاز المناعة، علماً أن أصحاب المناعة الضعيفة أكثر عرضة للإصابة بنوما. الأمر ذاته ينطبق على الناس الذين يضطرون إلى شرب مياه ملوّثة للبقاء على قيد الحياة، إذ لا بد من الحفاظ على صحة الفم للوقاية من العدوى. وهكذا نرى أهمية المياه والنظافة الصحية. كذلك وبما أن عوامل الخطر تشمل سوء التغذية، فإن تعزيز الأمن الغذائي وقدرة المجتمعات على الصمود والتأقلم أمور لا بد منها

ماذا بوسع أطباء بلا حدود فعله تصدياً لهذه المشاكل الأعمّ بوصفها منظمة طبية إنسانية؟

تشرف فرقنا على خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة في بعض المجتمعات. كما أننا نؤمن فحصوات أولية في إطار جهود المراقبة وفي سبيل الكشف عن أزمات سوء التغذية. أما المشاكل البنيوية المعقدة فتفوق قدرتنا على معالجتها، غير أننا نرفع صوتنا عالياً وننادي بضرورة حشد كل الجهود في سبيل التدخل

تطالب منظمة أطباء بلا حدود أيضاً بإدراج نوما على قائمة الأمراض المدارية المهملة التي تعتمدها منظمة الصحة العالمية. أين وصلت
جهودكم في هذا الإطار؟ 

نوما إلى هذا اليوم مرض مهمل إلى حدّ لم يخوله بعد دخول قائمة الأمراض المهملة حتى [2]. غير أن ثمة مجموعة واسعة من المناصرين لهذه القضية وخاصةً في إطار اتحاد مكافحة نوما الذي يوحد الجهود الرامية إلى وضع هذا المرض على القائمة، علماً أن منظمة أطباء بلا حدود تواصل بناء العلاقات والشراكات مع هذه المنظمات. كما أننا نتوجه بصوتنا إلى منظمة الصحة العالمية من خلال فيلم نوما الوثائقي الذي جرى إنتاجه بالتعاون مع أطباء بلا حدود، بالإضافة إلى جهودنا في المؤتمرات الأكاديمية، خاصةً وأن هناك حاجة ملحة إلى إجراء مزيد من الأبحاث وتأمين مزيد من الأموال في هذا الشأن. ونسعى إلى جمع وجهات نظر مختلفة حول هذا المرض كي نسمح لمنظمة الصحة العالمية وغيرها من الجهات الفاعلة برؤية الصورة الكاملة والاستجابة باستجابةً منسقة وشاملة

 ما هي الدروس المستفادة من سوكوتو التي من شأنها تعزيز الوقاية من الإعاقة ودعم الإدماج في مشاريع أطباء بلا حدود الأخرى؟
لقد علّمنا هذا المشروع بأن الوقاية والإدماج يقومان على ركيزتين أساسيتين. تتلخص الأولى في مشاركة المجتمع: أي العمل بشكل مباشر مع المجتمعات والإصغاء لها وتوعيتها بهدف مكافحة وصمة العار. أما الركيزة الثانية فهي التأقلم: أي تعديل خدماتنا كي تناسب ذوي الإعاقة. وقد حققنا كلا الركيزتين في سوكوتو. إذ أننا صممنا المستشفى تلبيةً لاحتياجات المرضى من ذوي الإعاقة، لكننا تابعنا انخراطنا مع المجتمع بهدف التوعية وكسر الحواجز والدفاع عن الناجين. وقد علمنا كوفيد-19 أيضاً أن علينا تعزيز هذا النموذج الذي يركز على المجتمع والمرضى في الآن ذاته

[1]
فارلي، إي؛ بالا، إتش إم؛ لينغليت، إيه؛ ميهتا، يو؛ أبو بكر، إن؛ صاموئيل، جيه؛ دي يونغ، إيه؛ بيل، كيه؛ أوليد، بي؛ فوتسو، إيه؛ ستينغر، بي؛ كويتسا، جيه جي؛ فينابلس، إي، ’أعالجه لكنني لا أعلم ماهية هذا المرض‘: دراسة نوعية حول مرض نوما والعلاج التقليدي في شمال غرب نيجيريا، مجلة الصحة الدولية 2019، معرف الغرض الرقمي
doi: 10.1093/inthealth/ihz066

[2]
مثال للاطلاع:
 سرور إم إل، باراتي-ماير دي، لماذا يكون نوما مرضاً مدارياً مهملاً مهمل؟ المكتبة العامة للعلوم (بلوس) الأمراض المدارية المهملة 2020، 14 (8): e0008435. https://doi.org/10.1371/journal.pntd.0008435.
 كولفيلد إيه، ألفين تي، تحسين الوقاية والكشف وعلاج نوما، نشرة منظمة الصحة العالمية 2020؛ العدد 98: الصفحات 365 - 366. معرف الغرض الرقمي
doi: http://dx.doi.org/10.2471/BLT.19.243485
"لكانت قصتها اختلفت"

مقابلة مع سيفيرين كالويرتس، استشارية الأمراض النسائية في منظمة أطباء بلا حدود


كيف تختلف مخاطر المضاعفات الصحية الإنجابية بين البلدان المتقدمة والنامية؟ وما هي أهم العوامل التي تفاقم هذه المخاطر في السياقات التي تتدخل فيها منظمة أطباء بلا حدود؟ 

ترتفع مخاطر الإصابة بالمضاعفات الصحية الإنجابية في معظم السياقات التي تعمل فيها المنظمة. وهذا يعود في أحد أسبابه إلى صعوبة الحصول على خدمات التخطيط الأسري. إذ تتزوج النساء في أعمار مبكرة جداً ولا يتدخلن عادةً في قرار عدد الأطفال. وبالتالي نرى فتيات حوامل بأعمار مبكرة تصل إلى حد 12 سنة، وكذلك نساء بأعمار تصل إلى 46 سنة ويعانين أساساً من ارتفاع الضغط أو السكري وهن ينتظرن وضع مولودهن الحادي أو الثاني عشر. يعتبر أيضاً بعد المرافق الصحية من الأسباب الأخرى التي تزيد مخاطر الإصابة بمضاعفات. فقد التقيت في سيراليون بنساء اضطررن للسفر أياماً كي يخضعن لعلميات قيصرية بعد مخاض طويل، علماً أن بعضهن أصبن بناسور الولادة أو بسقوط القدم نتيجةً لإصابة عصبية. كما تستقبل فرق أطباء بلا حدود أعداداً كبيرة من المريضات اللواتي يعانين من مضاعفات جراء الإجهاض غير الآمن. هذا ولا تحصل النساء غير المتزوجات في الكثير من البلدان على خدمات التخطيط الأسري، كما يصعب على المتزوجات الحصول على مانعات الحمل، في حين تغيب أي إمكانية لإنهاء الحمل بطريقة آمنة. وهنا تلجأ النساء اللواتي يعشن في مثل هذه السياقات إلى الإجهاض غير الآمن ثم يأتين إلينا وقد أصبن بمضاعفات مباشرة: نزف أو التهاب أو ناسور أو انثقاب أمعاء. وهذا ما نراه في وحدات رعاية .الأمومة وما يبقى خفياً عن الأعين لسنين طويلة تكون فيها النساء غير قادرات على الإنجاب بسبب الع 

ما هي أشيع المضاعفات الصحية الإنجابية التي من شأنها أن تؤدي إلى الإعاقة وفقاً لمشاهداتكم في الميدان؟

يعد الإجهاض غير الآمن والولادات المتعسرة سبباً لأشيع المضافعات التي تؤدي إلى إعاقات. فالمضاعفات الشديدة الناجمة عن المخاضات المبكرة أو الصعبة أو الطويلة قد تؤثر على الأم وطفلها، متسببة للأم بإصابات على غرار ناسور الولادة وسقوط القدم، كما قد تؤدي إلى العديد من الإعاقات الجسدية والمشاكل العصبية لدى الأطفال. ونتيجةً لعمل أطباء بلا حدود في مناطق النزاع وفي مناطق تسجل مستويات مرتفعة من العنف الجنسي، فإنه تبرز لدينا فئة أخرى من المضاعفات الشائعة في الميدان والتي تأتي نتيجة لمختلف أشكال العنف الجنسي، بما في ذلك تشويه الأعضاء التناسلة للإناث . فقد تعاني الضحايا من مضاعفات مباشرة كجروح المهبل والإصابة بالعدوى التي تشمل فيروس نقص المناعة البشرية وغيرها من الأمراض المنقولة جنسياً، إضافةً إلى تبعات طويلة الأمد كالندب التي تنجم عن الإصابات البليغة التي يتعرض لها المهبل. وقد عالجت مرةً في جمهورية الكونغو الديمقراطية امرأة نجت من اعتداء عدة رجال عليها وكان تعاني من جرح قاطع في المهبل تسبب به سكين من الداخل. زارتنا في العيادة بعد عام من الحادثة، وكانت لا تزال تعاني وغير قادرة على ممارسة الجنس نتيجةً للتشوه الذي لحق بها. تعمل منظمة أطباء لا حدود كذلك في بلدان يشيع فيها تشويه الأعضاء التناسلية للإناث، ففي سيراليون التي تتعرض فيها 90 بالمئة من النساء لهذه الممارسات، قابلت مريضة لديها ندبة على مستوى المهبل كانت قد أتت إلى المستشفى لتضع مولودها. ولكن حين بدأ الجنين بالخروج، بدأت الندبة تنزف واضطررت للإسراع بها إلى غرفة العمليات كي نخيط مكان الندبة. كما نرى في بلدان مثل إثيوبيا والصومال أشكالاً شديدة من تشويه الأعضاء التناسلية للإناث حيث يقطعون الأشفار ويخيطون المهبل، وهذا ما يتسبب بمضاعفات عديدة تشمل صعوبات في الولادة وجدرات (شكل من أشكال الندب) شديدة أو عسر في الجماع الذي هو عبارة عن آلام تترافق بممارسة الجنس وتحرم المرأة من الاستمتاع. وللأسف، فإن علاج مضاعفات هذه الممارسات صعبة ومعقدة للغاية وتفوق القدرات التي تمتلكها منظمة أطباء بلا حدود في الوقت الراهن. 

هل شاهدت في الميدان أية إعاقة مكتسبة لا تغيب عن بالك؟

حين كنت أعمل طبيبة توليد في سيراليون قابلت مريضة عمرها 17 عاماً وتعاني من ألم بطني حاد تبين أنه من مضاعفات إجهاض غير آمن خضعت له. كانت الفتاة لا تزال تذهب إلى المدرسة، وهو وضع استثنائي في سيراليون التي لا تحصل معظم الفتيات فيها على التعليم أو تتركن مقاعد الدراسة في سن مبكرة. لكنها اضطرت إلى دفع ثمن باهظ لذلك، حيث كان عليها أن تمارس الجنس مع مدرّسها كي تبقى في المدرسة. وحين حملت أخبرت والدتها وجدتها، وقررن معاً إنهاء الحمل. قام معالج تقليدي باستخدام أداة حادة لثقب عنق الرحم، لكنه ثقب الأمعاء بدلاً من ذلك. وحين وصلت الفتاة إلى المستشفى أجريت لها صورة بالأمواج فوق الصوتية ورأيت كتلة كبيرة مختلطة مع الرحم. أذكر أنني قلت وقتها لنفسي: "هذا خارج نطاق قدراتي على مساعدتها". فقد كانت بحاجةٍ إلى جراحة عاجلة. لم تكن منظمة أطباء بلا حدود تقدم خدمات الجراحة العامة في المشروع، ولهذا أحلناها إلى منظمة غير حكومية تقدم خدمات جراحية عالية الجودة في فريتاون. وقد أجريت لها في نهاية المطاف مفاغرة، وكانت لا تزال بحاجة إلى مزيد من العلاج لكن وباء إيبولا ضرب البلاد وغادرت تلك المنظمة. لا أدري كيف انتهت قصة تلك الفتاة، فربما تعاني اليوم من إعاقة ستبقى معها مدى الحياة. لست متأكدة حتى إذا ما كانت على قيد الحياة أصلاً، خاصةً وأن حياتها في ظروف تفتقر إلى النظافة ولديها مفاغرة قد تعرضها بسهولة لأمراض تهدد حياتها. حدث كل هذا لها لمجرد أنها أرادت أن تبقى على مقاعد الدراسة. لكانت قصتها اختلفت لو كان بمقدورها الحصول على خدمات التخطيط الأسري أو الإجهاض الآمن


هل ترين نساءً لدين إعاقات في أجنحة ومستشفيات الامومة التي نديرها؟

أجل، ومن أمثلتها ناسور الولادة. حيث تستقبل المنظمة في جميع المشاريع التي عملت فيها نساءً يعانين من الناسور يأتين لوضع مواليدهن بالطريقة الطبيعية أو بعملية قيصرية. وعندها نقوم بترتيب العلاج لهن أو نحيلهن إلى منظمات غير حكومية أخرى أو مستشفيات عامة. كما نرى مريضات أصبن بتمزق الرحم الذي عادةً ما يحدث خلال إجهاض شديد وطويل لا يكون فيه الجنين قادراً على الخروج لأيام. ودائماً ما نحاول إنقاذ الرحم، خاصةً إذا ما كانت المريضة راغبة في إنجاب مزيد من الأطفال، لكن بالنتيجة لن تستطيع حتى النساء اللواتي تعافين من وضع مواليدهن طبيعياً مرة أخرى، كما أن حملهن في المستقبل سيكون عرضة للخطر. إذ نرى المريضات ذاتهن وقد عدن بعد سنوات طلباً للمساعدة 


ما نسبة ذوي الإعاقة بين المرضى الذين تقدم لهم طواقم أطباء بلا حدود العلاج بحسب خبرتك؟ 

يشكل هؤلاء المرضى أقلية. لا يمكنني أن أقول أنهم واحد بالمئة أو ثلاثة بالمئة، لكننا نتحدث عن جزء بسيط جداً من إجمالي مرضانا. كما أن معظم عملي كان يتركز في وحدات الأمومة، أي مع نساء حوامل أساساً. أما في حال العمل ضمن أقسام العيادات الخارجية فقد نرى أشكالاً أخرى من الإعاقات التي تشمل العقم ، الذي يعد مشكلة كبيرة في السياقات التي تعمل فيها المنظمة لأن علاجه معقد ومكلف، كما أننا نفتقد إلى الوسائل التي تسمح لنا بعلاجه 


ما هي الأسباب الرئيسية للعقم في السياقات الميدانية؟

عادةً ما ينجم العقم عن عدوى في منطقة الحوض أو عن الأمراض المنقولة جنسياً أو الإنتان النفاسي، لكنه قد يكون كذلك من التبعات طويلة الأمد لاتباع علاجات خاطئة لمداواة التهاب الزائدة. لكن التشخيص والتدخل في مرحلة مبكرة يقلل كثيراً من مخاطر العقم، إلا أن مريضاتنا غالباً ما يواجهن مصاعب في الحصول على الرعاية الطبية، كما أن كثيرات منهن يأتين بعد فوات الأوان. تفرض بعض السياقات مصاعب إضافية تتمثل بانتشار فيروس نقص المناعة البشرية. فالنساء المصابات بالفيروس أكثر عرضة للإصابة بغيره من الأمراض المنقولة جنسياً كالكلاميديا (المتدثرة) والسيلان، والتي تفاقم من الأذى في ظل ضعف الجهاز المناعي للمريضة 


ماذا بخصوص النساء من ذوي الإعاقات الناتجة عن مضاعفات صحية إنجابية واللواتي لا يستطعن الاستفادة من الخدمات التي نقدمها؟ ما هي العوائق التي يواجهنها؟

تتعدد العقبات ويصعب اجتيازها. فحين تصاب امرأة ما بناسور الولادة غالباً ما يطلقها زوجها، فتصبح امرأة منبوذة، وستواجه كارثةً في حال كانت تعتمد على زوجها في إعالتها. وحتى لو كان العلاج مجانياً فلا بد أن تكون على علم بتوفر هذا الخيار أساساً وأن تكون قادرة على تحمل تكاليف النقل. كما أن التعرض لإعاقة ناجمة عن إجهاض غير آمن يفرض عقبات هائلة. ففي البلدان التي تقيّد الإجهاض قانونياً، تضطر النساء الراغبات في علاج المضاعفات الشديدة إلى اختلاق قصة مقنعة أو وضع ثقتهن العمياء في من سيقدم لهن الرعاية الصحية بأنه لن يبلغ الشرطة 


ما الذي تفعله منظمة أطباء بلا حدود للحؤول دون وقوع هذه المضاعفات التي تؤدي إلى إعاقات أو التقليل من أضرارها على حياة النساء؟

إلى جانب علاج المرضى، تنظم أطباء بلا حدود أنشطة خارجية تهدف إلى توعية المجتمعات المحلية، حيث يتحدث مشرفو التوعية الصحية إلى كبار القرية والعائلات حول أهمية التوليد في المستشفى بحضور أشخاص مؤهلين ويطلعونهم على علامات الحمل المنذرة بخطر. وهذا ما يعزز وعي الناس بمشاكل على غرار الارتعاج الحملي الذي هو عبارة عن تشجنات مرتبطة بارتفاع ضغط الدوم ويمكن أن يؤدي في حال عدم علاجها إلى سكتة أو إعاقة. أما توعية المجتمع حول إنهاء الحمل فأمرٌ أكثر تعقيداً خاصةً وأن الإجهاض مقيد قانونياً في الكثير من السياقات كما هي الحال تقريباً في جميع بلدان إفريقيا الواقعة جنوب الصحراء الكبرى. لكننا نوعي بعواقب الإجهاض غير الآمن رغم 


لماذا تعدّ التوعية الصحية عاملاً هاماً في الحؤول دون وقوع مضاعفات صحية إنجابية؟

كما تنقذ المعلومات الدقيقة حياة الناس كذلك يمكن للمعتقدات الخاطئة المتأصلة حول صحة المرأة أن تخلف عواقب فعلية جداً وخطيرة جداً. فقد كان يسود أحد المجتمعات الريفية في سيراليون على سبيل المثال اعتقاد بأن انقطاع الطمث الذي يحدث عن المرأة خلال فترة الحمل يؤدي إلى تجمع كل ذلك الدم في الرحم. وحين تضع المرأة مولودها وتفقد ليترين أو ثلاثة ليترات من الدم فهذا أمرٌ طبيعي، وذلك لأنه كان متجمعاً في رحمها. أما في الواقع فإن النزف الشديد يؤدي إلىى الدخول في صدمة والحاجة إلى رعاية طارئة. لكن ذلك المجتمع لم يكن واعياً بأن الدم يعتبر علامة إنذارية وليس ظاهرة طبيعية


كيف تعمل منظمة أطباء بلا حدود مع النساء اللواتي أصبن بإعاقة نتيجة مضاعفات صحية إنجابية؟

يمكن للناجيات من العنف الجنسي الحصول على كل الاستشارات التي يرغبن بها مع أخصائيي علم النفس، غير أن معظمهن لا يعدن سوى مرة واحدة أو قد لا يعدن على الإطلاق، وذلك لأنهن يقمن في مناطق بعيدة أو لا يعتبرن هذا الأمر أولوية، بالرغم من أن اضطراب التوتر التالي للصدمة يعتبر حالة مقعدة. كما تقدم المنظمة للمريضات المصابات بناسور الولادة خدمات التخطيط الأسري التي يفضل أن تعتمد على مناهج تحقق نتائج تدوم طويلاً، إذ يستغرق شفاء الندب فترة طويلة ولهذا ينبغي أن تتجنب النساء الحمل خلال العام الأول الذي يتلو العملية الجراحية. كما نتحدث إلى أزواجهن حول أهمية التخطيط الأسري وعدم ممارسة الجنس خلال الأشهر الأولى. لدينا في مصر مشروع يركز على المهاجرين نقدم من خلاله المساعدات للناجيات من العنف الجنسي، ونعتمد فيه على مقاربة شاملة تسمح للمرضى بالحصول على الرعاية الطبية والعلاج النفسي والعلاج الطبيعي للتعامل مع الألم المستمر. كنا قد تعاونّا أيضاً مع منظمة هيومانيتي أند إنكلوجن [المعروفة سابقاً باسم هانديكاب إنترناشيونال] وهي منظمة غير حكومية متخصصة في مساعدة السكان المستضعفين وتحديداً ذوي الإعاقة في سياقات الطوارئ وإعادة الإعمار والأزمات المزمنة والمناطق النامية] من أجل توفير العلاج الطبيعي. لكن في المقابل، لدينا سياقات لا تستطيع فيها منظمة أطباء بلا حدود أن تقدم الكثير للمرضى الذين يتركون مستشفياتنا ولديهم إعاقة


يمكن للعنف الجنسي أن يخلف عواقب مسببة للإعاقة، غير أن ذوي الإعاقة وتحديداً النساء والفتيات أكثر عرضة للعنف والاعتداء. هل تقدم منظمة أطباء بلا حدود الرعاية لهم أيضاً؟

كنت قد عالجت في أفغانستان مريضات مصابات بالشلل نتيجة لشلل الأطفال والاعتداءات الجنسية. كما رأيت في جمهورية الكونغو الديمقراطية امرأة حامل كانت قد فقدت ذراعها في هجوم عنيف. قابلت أيضاً نساء حوامل يعانين من إعاقات عقلية. ودائماً ما نتسائل في مثل هذه الحالات عما إذا كن قد وافقن أساساً على هذا. فجوابي على السؤال هو نعم، نقدم الرعاية لهؤلاء النساء والفتيات المستضعفات إلى حد بعيد. فهن يحصلن على رعاية طبية لا تختلف عما نقدمه لباقي المرضى. ثمة أيضاً هنا رابط هام يتعلق بالوضع الهش والضعيف الذي تعيشه النساء بشكل عام في السياقات التي نعمل فيها. إذ تنتشر في بعض هذه البلدان المقايضة بالجنس، أي ممارسة الجنس مقابل الحماية أو الغذاء أو المال. وهذا ما يؤدي إلى نشر وباء فيروس نقص المناعة البشرية بين النساء، حيث نرى نساءً مصابات بالفيروس في جميع وحدات رعاية الأمومة التي نديرها في بلدان إفريقيا جنوب الصحراء


ما هي أشكال الرعاية التي نقدمها للمريضات المصابات بفيروس نقص المناعة البشرية؟

الأهم هو أن نبدأ بعلاج المرأة بمضادات الفيروسات في أبكر مرحلة ممكنة من الحمل، حيث أن خفض مستوى ’الحمل الفيروسي‘ الذي يشير إلى كمية فيروسات نقص المناعة البشرية في الدم، أو إيصاله إلى مستوى لا يمكن كشفه، يساعد في تقليل مخاطر إصابة المولود بالفيروس إلى أقل من خمسة بالمئة، وحتى إلى أقل من واحد بالمئة في الظروف المثالية. لكن يتعين على المرأة أن تستمر في العلاج بعد الولادة حفاظاً على صحتها، كما ينبغي علينا الاستمرار في علاج الطفل خلال مرحلة الرضاعة التي يمكن أن ينتقل خلالها الفيروس عن طريق حليب الأم. لكن للأسف، نجد أن الكثير من النساء في بعض المناطق مثل جمهورية إفريقيا الوسطى لا يخضعن لفحوصات الكشف على الفيروس في إطار الرعاية الحملية ولا يكتشفن إصابتهن من عدمها إلا حين يأتين إلى عيادتنا لوضع مواليدهن. مع هذا فإننا نعطيهن قرصاً من مضادات الفيروسات قبل الولادة، لكن هذا ليس بالوضع المثالي، حيث يكون الأوان قد فات على تقديم هذه المضادات في إطار علاج يهدف إلى منع انتقال الفيروس إلى الطفل. وفي مثل هذه الحالات تكون الفرصة قد ضاعت وترتفع جداً احتمالات إصابة الطفل، علماً أن علاج المواليد المصابين بالفيروس عملية معقدة للغاية. كما أن معظم الأطفال الذين يصابون بالفيروس عن طريق إماتهم ولا يحصلون على العلاج المناسب، يفارقون الحياة قبل أن يكملوا عامهم الثاني


هل لديك أية نصائح لأطباء بلا حدود حول كيفية الوقاية من الإعاقات المرتبطة بالمضاعفات الصحية الإنجابية وعلاجها؟ وما الذي يمكننا تحسينه لإدماج ذوي الإعاقة في عملياتنا؟

نُجيد في مستشفياتنا الوقاية من ناسور الولادة وغيره من المضاعفات معتمدين على إمكانية إجراء العمليات القيصرية في الوقت المناسب. لكن يصعب جداً التحكم في ما يحدث خارج مستشفياتنا. فهناك عوامل عديدة خارج نطاق سيطرتنا تشمل مستوى التعليم بين النساء وعائلاتهن، إذ كلما تدنى المستوى التعليمي كلما زادت مخاطر الإصابة بناسور الولادة وغيره من المضاعفات. أعتقد أن في وسع منظمة أطباء بلا حدود تحسين أنشطة التوعية الصحية. قد لا تكون كل تلك الأنشطة فعالة غير أنها تسهم في تعزيز الرعاية الصحية الأولية وتقوّي روابطنا مع المجتمعات. تجدنا في العديد من المشاريع نبذل جهوداً كبيرة لإبقاء الخدج على قيد الحياة، لكننا لا نقدم لهم أي علاج طبيعي أو دعم على صعيد التغذية حتى لو خرجوا من المستشفى بصحة جيدة. فنحن نعطي الأم مولوداً لديه احتياجات خاصة ونعتبر بقاءه على قيد الحياة نجاحاً، لكننا لا نقدم للأسرة أية وسائل تساعد في تلبية هذه الاحتياجات. وهنا يمكن للمنظمة أن تدخل تحسينات هائلة. يمكن لأطباء بلا حدود أن تمنح ايضاً مساحة أكبر للعاملين الطبيين والإنسانيين الشجعان من ذوي الإعاقة، والذين يسعون إلى حياة هادفة رغم إعاقتهم. فإدماجهم سيقدم رسالة قوية إلى العاملين الدوليين والمحليين تقول: يمكنكم أن تحققوا ما تشاؤونه في الحياة

أكلمت د. سيفيرين كالويرتس تعليمها سنة 2007 في وطنها بلجيكا وأصبحت أخصائية في النسائية والتوليد. قضت خلال مرحلة الاختصاص عاماً في جنوب إفريقيا حيث قدمت الرعاية لأعداد كبيرة من النساء المصابات بفيروس نقص المناعة البشرية. كما شاركت بعد أن أكملت اختصاصها في دورة طبية لمدة ستة أشهر حول الأمراض المدارية، ثم انضمت عام 2008 إلى طواقم أطباء بلا حدود في سيراليون التي عادت إليها فيما بعد أكثر من مرة. عملت أيضاً في جمهورية الكونغو الديمقراطية والنيجر وبوروندي وباكستان وأفغانستان ضمن مشاريع صحة الأمومة التابعة لمنظمة أطباء بلا حدود. تعمل في الفترات التي تفصل بين مهماتها في بلجيكا حيث تقدم الرعاية للنساء الحوامل المصابات بالفيروس، كما أنها تسهم في تدريس طلاب الطب والقابلات. يشار إلى أن د. سيفيرين كالويرتس من ضمن القائمة المرجعية لأطباء وطبيبات النسائية في المنظمة


قرية ناسور الولادة: من اليأس إلى الأمل

شهادة من جنوب السودان بقلم سونيا كالسفيك

لقد عدّى بالكاد منتصف الليل وها أنا مستلقية في خيمتي أستمع للأغاني وأصوات الضحكات. كانت مريضاتي اللواتي يعانين من ناسور الولادة يشتكين اليوم من قلة النوم، لكن ما كان مني سوى أن ابتسمت وطلبت منهن أن يأوين إلى الفراش مبكراً. الحقيقة أن ثمة رابطة أخوية قوية تجمع بين النساء هنا لتكون عائلة لا مثيل لها. فهنّ يحتلفن كل ليلة حتى ساعات الفجر بأنهن قد التقين بمثيلاتهن وعثرن على أمل بالشفاء. تجدهن يستمتعن بهذا الإحساس الجديد... الإحساس بالانتماء والقبول. لا تسعفني الكلمات في التعبير عن هذه الرابطة الأخوية ووصفها، لكنها من أجمل الأشياء التي رأيتها في حياتي.

تشغل هؤلاء النساء مساحة صغيرة من المستشفى يحيط بها سياج كبير ونطلق عليها اسم "قرية ناسور الولادة". فيها أربع خيام كبيرة تسكنها 50 إلى 60 مريضة ويتوسطها مبنى تقيم فيه النساء في مرحلة التعافي من العمليات الجراحية. تحكي لنا جميع النساء قصصاً متشابهة، فقد نجون جميعهن من ولادات عسيرة وقاسية، فقد فقدن أو كدن يفقدن مواليدهن. لكنهن خرجن من هذه الصدمات بجروح وأصبحن غير قادران على التحكم في خروج البول أو البراز، أو كلاهما. نبذتهن عائلاتهن ومجتمعاتهن، ولهذا يعشن في عزلةٍ وحرمان منذ ذلك الحين. 

تعاني حوالي 60,000 امرأة في جنوب السودان من ناسور الولادة الذي ينجم عن أصابات تعرضن لها خلال الولادة. والناسور عبارة عن اتصال شاذ بين جوفين. أما ناسور الولادة تحديداً، فهو يصل بين المهبل والمستقيم أو بين المهبل المثانة. تؤدي التقلصات خلال الولادة الطبيعية إلى توسع عنق الرحم وخروج الجنين، إلا أنها لا تكون في بعض الأحيان قويةً بما فيه الكفاية أو يكون عنق الرح ضيقاً جداً بحيث لا يمكن للجنين العبور. لكن استمرار المخاض والضغط لمدة أيام يؤدي إلى موت النسج الرخوة التي تنضغط بين رأس الجنين وعظم الحوض، كما أن الجنين يفارق الحياة في معظم الحالات. ويمكن أن تصاب المرأة في الحالات الشديدة بناسورين أو ثلاثة نواسير. يشار إلى أن آخر حالة من ناسور الولادة سجلت في أوروبا عام 1943. ومنذ ذلك الحين لم يعد له وجود في العالم الغربي بفضل الرعاية المناسبة وإمكانية إجراء العمليات القيصرية. أما في جنوب السودان فلا تزال هناك نساءٌ كثيرات يعشن في ظل وصمة العار ويعانين من مشكلة مسببة للإعاقة، وهذا نتجة غياب الرعاية الأساسية اللازمة عند الحمل والولادة. فمعظم النساء يضعن مواليدهن في البيت، دون أية عناية طبية. يشار إلى أن الأمهات الجدد هن أكثر النساء عرضةً لهذه المشكلة 

وحين يحدث ثقب يصل بين المثانة والمهبل، فإن المرأة لا تعود قادرة على التحكم بخروج البول نظراً لغياب العضلات ضمن هذا الاتصال الشاذ. وبالتالي فإن البول يتسرب إلى الخارج بمجرد أن يتكون في الجسم. ولهذا تشرب المريضات كميات أقل من الماء تجنباً لهذا الوضع. لكن إنتاج كميات أقل من البول يؤدي إلى اشتداد رائحته. تكون الرائحة لا تحتمل خلال الأيام الأولى في قرية ناسور الولادة. ولهذا يتعين على جميع المريضات القادمات حديثاً شرب كميات كبير من الماء تصل إلى خمسة ليترات يومياً. هنا تخف الرائحة، لكن البلل يعمّ المكان وينبغي توخي الحذر عند الجلوس، إذ يمكن أن تكون هناك بقعة من البول 

قبل وصولي إلى جنوب السودان بأشهر، كان زملائي من الطواقم المحلية يتنقلون من مكان إلى آخر بحثاً عن نساء يعانين من ناسور الولادة. فقد فتشوا القرى والأكواخ بحثاً عن نساء يعانين من أعراض الناسور، وقد اكتشفوا حوالي 80 حالة محتملة في منطقة تعتبر صغيرة نسبياً. يصعب في البداية العثور على هؤلاء النساء لأنهن يعشن في الخفاء ولا أحد يتحدث عنهن. لكن ما أن يدركن إمكانية حصولهن على المساعدة فإنهن يخرجن من مخبأهن ويبدأن بالحديث عما جرى لهن 

أصيبت العديد من هؤلاء النساء بالناسور خلال وضعهن مولودهنّ الأول، علماً أن الزواج وإنجاب الأطفال يعد أمراً اساسياً في ثقافة وتقاليد جنوب السودان. وبالتالي كانت معظم المريضات قد تزوجن في أعمار صغيرة جداً ولم يحصلن على أية رعاية طبية خلال حملهن، إضافةً إلى غياب أي إمكانية لتأمين المساعدة خلال الولادة. إذ تضع الأمهات مواليدهن في البيت، بمساعدة امرأة محلية ليس إلا. وقد تحدثت لنا مريضاتنا عن ولاداتهن المضنية التي استمرت أربعة وخمسة بل وعشرة أيام. تفارق أعداد لا تُعرَف من الأمهات الشابات الحياة، كما أن أكثر من نصف النساء اللواتي يصبن بناسور الولادة جراء المخاض الطويل لن يتمكنّ من الحمل مرة أخرى، حتى بعد الخضوع لعمليات جراحية. والنتيجة تكون الطلاق والعزلة بالنسبة للكثيرات. ففي بلد مثل جنوب السودان، يعتبر الانتماء إلى مجموعة مسألة حياة أو موت. والنساء اللواتي تنبذهن عائلاتهن ومجتمعاتهن يصبحن في وضع هش وضعيف للغاية. لكن لا توجد إحصائيات تبين كم منهن يفارقن الحياة انتحاراً أو نتيجة لعواقب أخرى غير مباشرة لهذه الإصابة 

لكن هل يمكن الوقاية من ناسور الولادة والحؤول دون وقوع المعاناة التي يؤدي إليها؟ يعتبر توفر الرعاية الصحية المناسبة والعمليات القيصرية أمراً أساسياً لا غنى عنه لهذا. إذ يمكن للخدمات الطبية المناسبة والكافية أن تخفف من مخاطر الناسور حتى بعد مخاض طويل. كما أن شدة الإصابة تحدد حاجة المرأة إلى قسطرة بولية لمدة تتراوح بين أسبوعين إلى ستة أسابيع بعد الولادة كي تسمح بتعافي وشفاء النسج المتضررة والحؤول دون تشكل اتصال شاذ. يشار إلى أن منظمة أطباء بلا حدود تقدم مثل هذه الرعاية للنساء بعد عمليات إصلاح الناسور. وهذا يعني أن على جميع مريضاتنا حمل دلوين كبيرين، أحدهما لشرب الماء والآخر للبول 

أخبرني زميل لي مرةً أنه رأى عديداً من هؤلاء النساء في السوق المحلي. شعرت وقتها بالفرح والفخر يغمراني. كما أحسست بالأمل، لأن هؤلاء النساء تجرأن على الخروج علناً. ذهبنا معاً في اليوم التالي إلى السوق وقمت بدعوتهن إلى تناول فنجان من الشاي. كنا نحتفل بالشجاعة في جلسة قدمت أسلوباً مثالياً في التوعية على مستوى المجتمع 

يمكن الوقاية من ناسور الولادة، إلا أنه لا يزال يصيب ملايين النساء المستضعفات اللواتي يعشن في ظروف هشة. كما يمكن إصلاح الناسور، غير أن العمليات معقدة ولا يتقنها سوء قلة من الجراحين. وبما أن العالم الغربي قد تخلص من هذه المشكلة، لهذا لا يتدرب الأطباء على علاج الناسور. لكن بعض مستشفات القارة الإفريقية تدرب الجراحين على إجراء هذه العمليات، إلا أن العلاج لا يزال مكلفاً جداً ويستدعي المكوث في المستشفى لأوقات طويلة. والأهم من هذا أنه يتطلب جهوداً واعية وواسعة لكشف النساء المصابات بناسور الولادة وإبراز وجودهن 

قصة أجوك

 

أجوك فتاة مرحة تهوى الرقص عمرها 17 عاماً ولا تفارق البسمة وجهها. حملت قبل سنة ونصف بطفلها الأول وكانت متحمسة ومستعدة لاستقبال معجزة الحياة. لكن لم تسر الأمور كما يجب، فقد امتد مخاضها أياماً دون أن يخرج جنينها الذي كانت تقل حركته وتضعف إلى أن توقفت. وخوفاً على حياة أجوك، فقد استدعت أسرتها معالجاً تقليدياً تعتقد بأنه يملك قوى خارقة. أزال هذا المعالج الطفل الميت وأنقذ حياة الأم، لكن الأذى الذي لحق بعنق رحمها كان بالغاً. فقد أصيبت أجوك بثلاثة نواسير أحدها في المستقيم واثنان في المثانة. وكان البول والبراز يتسربان إلى الخارج طيلة الوقت. لكنها مع ذلك كانت من بين قلة محظوظات حين استقبلتها العائلة الجدية بعد أن طلقها زوجها ونبذها المجتمع خوفاً من أن يكون فيها مسٌّ من الشيطان. ومنذ ذلك الحين وعائلتها الجديدة تعتني ب

التقيت بأجوك لأول مرة حين كانت تتحضر لعمليتها الثانية بعد أن كانت قد خضعت قبل ستة أشهر للعملية الأولى التي قام الأطباء خلالها بإغلاق واحد من الناسوريين الموجودين في مثانتها. بقي لديها ناسوران وكان التسرب لا يزال مستمراً والوضع سيئاً لدرجة أن أطباء بلا حدود أعادتها وبرفقتها سرير خاص عادةً ما يستخدم لعلاج مرضى الكوليرا، حيث يحتوي في وسطه على ثقب يسمح لها أن تنام دون أن تغرق في بولها وبرازها. لا أزال أذكر الابتسامة التي علت وجه أجوك حين عادت إلى قرية ناسور الولادة حاملةً سريرها وهي تأمل أنها لن تحتاج إليه لوقت طويل. قمنا في العملية الثانية بإغلاق الناسور الذي يربط بين المستقيم والمهبل. كانت تلك العملية أبسط وكان بوسع أجوك العودة بعد أسبوع واحد من إجرائها. لن أراها إلا بعد مرور ستة أشهر حين تعود لإجراء عمليتها الأخيرة 

تعلم أجوك أن عليها إبقاء القسطرة البولية لمدة خمسة أسابيع بعد العملية، لكنها كانت قد أصبحت قادرة على إزالتها بنفسها بعد أن قضت تلك الفترة الطويلة في القرية. وفي ليلة العملية، تناولت الأدوات الطبية اللازمة سراً ونزعتها بنفسها. لم أر في حياتي أحداً يرقص ويبتسم مثلها وهي تغادر المرحاض. فقد كانت ولأول مرة منذ سنتين بحاجة إليه حقاً 


الأمراض والإعاقات المدارية المهملة

بقلم ناتالي ستروب فورغافت، مديرة قسم الأمراض المدارية المهملة
في مبادرة مكافحة الأمراض المهملة

جرى تعريف الأمراض المدارية المهملة في أوائل القرن على أنها مجموعةٌ من الأمراض المعدية التي تصيب الناس الفقراء المستضعفين الذين لا صوت لهم ممّن يعيشون في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط. تترافق هذه الأمراض بوصمة عار وتمييز وإعاقات وخاصةً بين الفتيات والنساء،1 كما أنها مهملة على صعيد الأبحاث، أي أنه لا تتوفر معلومات دقيقة حول أعبائها من حيث عدد الوفيات ومعدل الإعاقات. وتقول منظمة الصحة العالمية بأن حوالي مليار شخص متضررون بواحد على الأقل من هذه الأمراض المدارية المهملة، لكن إهمال هذه الأمراض يرجح الاستخفاف بأعباءها ومعدل انتشارها ونسبة الوفيات الناجمة عنها. 2

غالباً ما يصعب تشخيص الأمراض المدارية المهملة في مرحلة مبكرة بما يكفي للتدخل بشكل فاعل، الأمر الذي يؤدي إلى اكتشافها في مراحل متقدمة تؤدي إلى عواقب تتمثل في إعاقة أكبر أو حتى الموت. كما تؤدي معظم هذه الأمراض إلى تدهور الصحة النفسية إما لأسباب عصبية المنشأ أو نتيجة للألم أو لعلل جسدية أو بسبب وصمة العار والتمييز الاجتماعي الذي يفاقم من أعباء المرض التي يمكن التقليل منها في حال تشخيصه وعلاجه في مرحلة مبكرة.3

تعرف منظمة الصحة العالمية الإعاقة كما يلي: "العجز أو الإعاقة هو مصطلح جامع يضم تحت مظلته الأشكال المختلفة للاعتلال أو الخلل العضوي، ومحدودية النشاط، والقيود التي تحد من المشاركة. يشار إلى أن الاعتلال أو الخلل هو مشكلة في وظيفة أو بنية الجسم، أما محدودية النشاط فتعبر عن الصعوبة التي يواجهها الفرد في تنفيذ مهمة أو فعل ما، في حين أن القيود التي تحد من المشاركة تشير إلى مشكلة يواجهها الفرد في إطار المشاركة في شؤون الحياة".4

وتشمل قائمة الأمراض المدارية المهملة التي تعتمدها حالياً منظمة الصحة العالمية 20 مرضاً (انظر الملحق) من شأنها أن تؤدي إلى إعاقات مختلفة الشدة. لا تخضع بعض الأمراض المدارية المهملة، على غرار البلهارسيا والتراخوما وداء كلابية الذنب (الأنكوسركية) وداء الفيلاريات اللمفي، للتشخيص بشكل فردي بل يجري علاجها في إطار حملات توزيع الدواء على نطاق جماهيري التي يجري خلالها تقديم العلاج لمجموعات سكانية تعيش في المناطق التي تسوطن فيها هذه الأمراض، مما يقلل من معدلات انتقالها اعتماداً على علاج مستودعاتها البشرية ونواقلها. وقد أظهرت هذه الاستراتيجية نجاعتها لكنها لا تكفي لتغطية 100 بالمئة من السكان، إذ تستمر هذه الأمراض بإصابة الأشخاص الذين لم يحصلوا على العلاج.

هناك بعض الأمراض المدارية المهملة الأكثر وضوحاً، كتلك التي تترافق بإصابات جلدية أو تشوهات أو وصمة عار، ومنها قرحة بورولي والليشمانيا الجلدية والداء العليقي والورم الفطري و الليشمانيا الجلدية التالية للكالازار وداء الفيل المسبب لتشوهات والذي يحدث في مرحلة متأخرة من الإصابة بداء الفيلاريات اللمفي. حيث تتطور الآفات في تلك الأمراض إلى تقرحات تغطي مساحة واسعة من الجسم وتؤثر في الأجزاء المكشوفة منه (بما فيها الوجه)، وتسبب حكة أو حروق أو أذيات، كما أنها تعيق العلاقات الاجتماعية والأنشطة اليومية والسير والعمل وتنمع المرضى من العيش حياة طبيعية. هذا وتعتبر وصمة العار التي تخلفها هذه الأمراض كبيرة. فغالباً ما يخضع المصابون بالورم الفطري لعملية بتر للقدم أو الساق أو الذراع،5 ونظراً لعدم توفر أية مضادات فطرية لعلاج المرض فإن المصاب قد يخضع لأكثر من عملية بتر. كما قد تترقى الليشمانيا الجلدية إلى تقرحات شديدة تستغرق وقتاً طويلاً لتشفى، وقد تغزو في بعض الأحيان الأنف أو البلعوم وتؤدي إلى إصابة أغشيتها المخاطية، مما قد يؤدي إلى صعوبة في التغذية.6 أما الليشمانيا الجلدية التالية للكالازار فليست شديدة في معظم الحالات، إلا أنها تتسبب في ندب على الوجه، ولهذا نجد أن النساء لا يطلبن الرعاية بهدف زيادة فرص زواجهن.7 ويمكن أن يؤدي داء الفيلاريات اللمفي إلى وذمة لمفية تضغط على الأطراف السفلية وتسبب انتفاخ كبير في كيس الصفن، مما يؤدي إلى ألم وانزعاج شديد يعزل المريض ويعرضه إلى مضاعفات شديدة.8 كما لا تخفى على أحد وصمة العار الاجتماعية وحالة الإقصاء والإعاقة التي تترافق بمرض الجذام وتدل على الأضرار الخطيرة التي تلحقها الأمراض المدارية المهملة بحياة أناس فقراء ومحرومين في الأساس.

هناك أمراض مدارية مهملة أخرى كداء المثقبيات الإفريقي (مرض النوم) أو الليشمانيا الحشوية تهدد الحياة في حال لم تعالج بشكل فاعل. إذ تؤدي هذه الأمراض إلى أعراض شديدة، حيث تزداد معاناة المرضى تدريجياً من الإرهاق ونقص الوزن، كما يفقدون القدرة على العمل وإمكانية الإسهام في دخل الأسرة المحدود أساساً وكذلك قد لا يستطيعون الذهاب حتى إلى المرافق الصحية. يشار إلى أن الأعراض العصبية النفسية المخيفة التي تظهر لدى المصابين بداء المثقبيات الإفريقي تؤدي إلى إقصاء المرضى وأسرهم، حيث يعتبرهم بعض الناس بأنهم ملعونون

يشار إلى أن هناك أمراضاً مدارية مهملة ترتقي في صمت نظراً لأنها تمر بمرحلة تتلو العدوى ولا تظهر فيها سوى أعراض خفيفة وبالتالي يتأخر تشخيصها وتؤدي لاحقاً إلى علل مزمنة ومسببة للإعاقة. فالمصابون بداء كلابية الذنب (الأنكوسركية) الذين لا تشملهم حملات توزيع الدواء على نطاق جماهيري يتعرضون لضعف في البصر يترقى إلى فقدان للبصر ويؤدي في بعض الأحيان حكة شديدة مستعصية على العلاج، حيث تكون القرى التي يستوطن فيها المرض مليئة بأشخاص بالغين يسيرون بمساعدة أطفال صغار. يشار إلى أن حوالي 30 بالمئة من المصابين بداء شاغاس سيصابون باعتلال قلبي غالباً ما يكون فتاكاً وليس له أي علاج في الوقت الراهن. كما تترافق البلهارسيا المزمنة بتليف الكبد وسرطان المثانة،9 علماً أن العدوى التناسلية تعتبر كذلك من المضاعفات المحتملة التي تؤدي إلى ضعف الخصوبة لدى الرجال والنساء.10

أما عند الأطفال، فقد تبين أن كلاً من البلهارسيا المزمنة والصرع11 المترافق بداء كلابية الذنب (الأنكوسركية) يؤديان إلى إعاقة التطور المعرفي والنمو، مما يقلص على نحو خطير أي أمل في مستقبل مثمر.12 كذلك تمنع الأضرار التي تنتج عن الإعاقات المرتبطة بالأمراض المدارية المهملة الأطفال من ارتياد المدرسة وبالتالي تحرمهم من برامج توزيع الدواء على نطاق جماهيري.
أخيراً لا بد من الإشارة إلى واحدة من أكثر العواقب إهمالاً التي تنتج عن معظم هذه الأمراض ألا وهي أثرها على الصحة النفسية،13 سواء بشكل مباشر نتيجة لأثر المرض على أناس فقراء أساساً وما يترافق من وصمة عار وحرمان اجتماعي وفقدان للأمل بالمستقبل، أو بشكل غير مباشر على عائلات هؤلاء المرضى ومن يرعاهم حيث غالباً ما يشعرون باليأس وعدم القدرة على مساعدة أشخاص أعزاء عليهم.14
وفي معظم الحالات نجد بأن وسائل المعالجة المتوفرة تكون إما غير ناجعة أو تفتقر إلى الأمان أو يسهل على الأمراض أن تقاومها أو أنها غير مناسبة للاستخدام الميداني أو مكلفة، أو أنها تجمع بين عدد من هذه الصفات.
وقد شاركت مبادرة مكافحة الأمراض المهملة عام 2001 في إصدار ورقة بحثية هامة15 سلطت الضوء على اختلال التوازن بين الأعباء التي تخلفها الأمراض المدارية المهملة والأبحاث المستثمرة في التصدي لها. وقد عبّرت الدراسة عن هذا الواقع بمصطلح الفجوة ’90/10‘ وذلك لأن 10 بالمئة من الأبحاث الصحية العالمية فقط مخصصة للتصدي لأمراض مسؤولة عن 90 بالمئة من الأعباء المرضية حول العالم. وقد أظهرت دراسة تكميلية بقصد المتابعة16 صدرت عام 2013 تحقيق تقدم على هذا الصعيد، إلا أن الفجوة كانت لا تزال قائمة خاصةً وأن 4 بالمئة من فقط من إجمالي المنتجات العلاجية الجديدة المسجلة بين عام 2000 و2011 كانت مخصصة للأمراض المدارية المهملة.
هذا ولا تتوفر سوى بيانات وبائية محدودة حول توزع الأمراض المدارية المهملة بين الرجال والنساء. إلا أن أثر بعض هذه الأمراض على الحمل وانتقال العدوى إلى الجنين معروفة، ولهذا فإن منظمة الصحة العالمية على سبيل المثال تستهدف الوقاية من انتقال داء شاغاس من الأم إلى الطفل.17

وبالنظر إلى أهداف التنمية المستدامة 3 (الصحة الجيدة والرفاه) و5 (المساواة بين الجنسين)، يبدو جلياً ضرورة فعل أكثر مما تم إنجازه بكثير،  18 وتحديداً
• أولاً: تشخيص المرضى في مرحلة أبكر وتوفير هذه الخدمات في مواقع أقرب إلى أماكن سكنهم وذلك اعتماداً على تطوير وسائل جديدة وتعزيز إدماج هذه الوسائل ضمن استراتيجيات الرعاية الصحية الأولية.
• ثانياً: تطوير أدوات ووسائل علاجية جديدة تتفوق على النواقص التي تعاني منها الوسائل الحالية، إضافةً إلى العمل قدر المستطاع على تطوير علاجات يمكن إعطاؤها للحوامل أو النساء اللواتي قد يكنّ حوامل.
واستجابةً لهذه التحديات فإن مبادرة مكافحة الأمراض المهملة تعمل حالياً على تطوير علاجات جديدة تستهدف داء المثقبيات الأفريقي البشري والليشمانيا الحشوية والجلدية والليشمانيا الجلدية التالية للكالازار داء كلابية الذنب (الأنكوسركية) والورم الفطري. لكن لا بد من تطوير مقاربة أكثر شمولاً للتصدي لوصمة العار الاجتماعي وقضايا الصحة النفسية وغيرها من الإعاقات الجسدية المرتبطة بالأمراض المدارية المهملة

الملحق

قائمة الأمراض المدارية المهملة – منظمة الصحة العالمية
قرحة بورولي
حمى الضنك و الشيكونغونيا
داء التنينات (داء الدودة الغينية)
داء المثقبيات الأفريقي البشري
الليشمانيا (الجلدية والحشوية)
الجذام
داء الفيلاريات اللمفي
داء كلابية الذنب (الأنكوسركية)
داء الكلب
البلهارسيا
عدوى الديدان الطفيلية المنقولة عن طريق التربة
التراخوما
الداء العليقي
داء شاغاس
داء الشريطيات/ داء الكيسات المذنبة
داء المُشْوِكات
عدوى الديدان المثقوبة
الورم الفطري والفطار الاصطباغي وغيرها من الفطارات العميقة.
داء الكلب والطفيليات الخارجية
لدغات الثعابين

References

المراجع

1.

منظمة الصحة العالمية، جنيف. العمل للتغلب على الأثر العالمي للأمراض المدارية – أول تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية حول الأمراض المدارية المهملة. 2010 https://www.who.int/neglected_diseases/2010report/en/ آخر دخول في 25 فبراير/شباط 2020.

2. 

هيريكس جيه آر، هوتيز بي جيه، وانغا في، كوفينغ إل إي، هاغسما جيه إيه، وآخرون. (2017) الأعباء العالمية للأمراض – دراسة صادرة عام 2013 بعنوان: ما الذي تعنيه الأمراض المدارية المهملة؟ مجلة ’بلوس‘ للأمراض المدارية المهلمة. 11(8): e0005424. https://doi.org/10.1371/journal.pntd.0005424

3. 

بيكادو إيه، ناغارو إس، كروز آي، بييلر إس، روكشتول إل، باستوف جيه، ندونغو جيه إم (2019). الحصول على تشخيص عاجل: الحلقة المفقودة في الوقاية من اضطرابات الصحة النفسية المترافقة بالأمراض المدارية المهملة. مجلة ’بلوس‘ للأمراض المدارية المهلمة. 13(10): e0007679. https://doi.org/10.1371/journal.pntd.0007679

4.
https://www.who.int/topics/disabilities/en/ آخر دخول في 27 فبراير/شباط 2020.

5. 

سليمان إس إتش، وادايلا إي إس، فاهال إيه إتش (2016). العلاج الجراحي للورم الفطري. مجلة ’بلوس‘ للأمراض المدارية المهلمة. 10(6): e0004690. doi: 10.1371/journal.pntd.0004690

6.

ليسا إم إم، ليسا إتش إيه، كاسترو تي دبليو إن، أوليفييرا إيه، شيريفر إيه، وآخرون. (2007) الليشمانيا المخاطية: الجوانب الوبائية والسريرية. المجلة البرازيلية لطب الأنف والأذن والحنجرة 73(6): 843 - 847.

7. 

غاراباتي بي، بال بي، صديقي إن إيه، بيمال إس، براديب داس، مورتي كي، باندي كي (2018) المعرفة، وصمة العار، السلويات الصحية ومحدداتها بين المرضى المصابين بالليشمانيا الجلدية التالية للكالازار في ولاية بيهار، الهند. مجلة ’بلوس وان‘. 13(9): e0203407.

8. 

شينوي آر كي (2008) الجوانب السريرية والمرضية لداء الفيلاريات اللمفي وعلاجها. مجلة علم الطفيليات الكورية. 46(3): 119 – 125. doi: 10.3347/kjp.2008.46.3.119

9.

رالينسون دي (2009) يصحة تنبيه بخصوص داء البلهارسيات في المجاري البولية: تعزيز الجهود البحثية في مواجهة الاحتياجات الصحية العامة. مجلة علم الطفيليات. 136: 1593 – 1610. doi:10.1017/S0031182009990552 

10.

كينغ سي إتش (2018) تحديد الأعباء المغفلة للعقم المرتبط بداء البلهارسيات في المجاري البولية. مجلة الجمعية الأمريكية لطب الأمراض المدارية والصحة. 98(4): 937 – 938. doi: 10.4269/ajtmh.17-1016 

11.

كوليبوندرس آر، نجامنشي إيه كي، أويجن إم في، موكيندي دي، كاشاما جيه إم، وآخرون. (2017) الصرع المترافق بداء كلابية الذنب (الأنكوسركية): من الموجودات الوبائية والسريرية الراهنة إلى الآثار المترتبة على السياسات. مجلة الصرع العامة. 2(2): 145 – 152، 2017. doi: 10.1002/epi4.12054

12.

إزياماما إيه إي، بوستيندوي إيه إل، نكواتا إيه كي، مارتينيز إل، بابالان إن، وآخرون. (2018) العجز المعرفي والخسارة التعليمية لدى الأطفال المصابين بداء البلهارسيات – مراجعة منهجية وتحليلي تلوي. مجلة ’بلوس‘ للأمراض المدارية المهلمة 12(1): e0005524. https://doi.org/10.1371/journal.pntd.0005524

13.

دين إل، تولهورست آر، نالو جي، كولي كي، بيتي إيه، تيوبالد إس (2019). الأمراض المدارية المهملة بوصفها ’إعاقة للسيرة الذاتية‘: الاستماع إلى روايات الأشخاص المتضررين من أجل تطوير رعاية تركز على الناس في ليبيريا. مجلة ’بلوس‘ للأمراض المدارية المهلمة 13(9): e0007710. https://doi.org/10.1371/journal.pntd.0007710

14.

ليت إي، بيكر إم سي، مولينو دي (2012). الأمراض المدارية المهملة والصحة النفسية: من منظور الاعتلال المشترك. مجلة اتجاهات في علم الطفيليات. 28(5). doi:10.1016/j.pt.2012.03.001

15.

حملة توفير الأدوية الأساسية ومجموعة عمل مبادرة مكافحة الأمراض المهملة. اختلال توازن فتاك: أزمة بحث وتطوير أدوية للأمراض المهملة. 2001. https://www.dndi.org/wp-content/uploads/2009/03/fatal_imbalance_2001.pdf آخر دخول في 25 فبراير/شباط 2020.

16.

بيدريك بي، ستروب-فورغافت إن، سومي سي، أوليارو بي، ترولييه بي، وآخرون. لمحة عامة عن أدوية ولقاحات الأمراض المهملة (2000 – 2011): تقييم منهجي. مجلة لانسيت الصحية العالمية. 6(13): 371 – 397. https://doi.org/10.1016/S2214-109X(13)70078-0

17.

https://www.who.int/neglected_diseases/news/Chagas-Preventing-mother-to-child-transmission/en/ آخر دخول في 27 فبراير/شباط 2020

18.

https://www.un.org/sustainabledevelopment/sustainable-development-goals/ آخر دخول في 27 فبراير/شباط 2020


الإعاقة الخفية
الأمور المهمة فيما يتعلق بالإعاقة، غالباً ما تكون خفية

ما هي الإعاقات الخفية؟

يشير مصطلح "الأشخاص ذوي الإعاقة" إلى الأشخاص الذين لديهم إعاقات جسدية أو عقلية أو ذهنية أو حسية قد تحول، بوجود عوائق مختلفة، دون إسهامهم الكامل والفاعل في المجتمع على قدم المساواة مع الآخرين [1] . والإعاقات الخفية عبارة عن مشاكل تعرقل الوظائف اليومية لكنها ليست واضحة بشكل مباشر للآخرين [2] . وتشير أرقام منظمة الصحة العالمية إلى أن 15 بالمئة من سكان العالم لديهم شكل ما من أشكال الإعاقة، علماً أن معظم ذوي الإعاقة ليسوا بحاجة إلى كرسي متحرك أو أي شكل من أشكال الدعم الذي قد يدل على إعاقتهم. 

:فيما يلي بعض الأمثلة عن الإعاقات الخفية

الأمراض المزمنة التي تسبب الإعاقة (مثل فيروس نقص المناعة البشرية والربو والسكري).
عواقب المضاعفات الشديدة في إطار الصحة الإنجابية (ناسور الولادة)
 بعض الأمراض القلبية الوعائية.
 المشاكل العصبية (مثل الصرع).
 فقدان البصر والإعاقات البصرية.
الأمراض العقلية التي من شأنها أن تسبب الإعاقة (القلق، الاكتئاب، الاضطراب ثنائي القطب)
 إعاقات التعلم (عسر القراءة)
 اضطراب قصور الانتباه المقترن بفرط النشاط 

كيف نعالج طبياً الأشخاص ذوي الإعاقات الخفية؟

قد يصعب التعرف على الإعاقات الخفية وتشخيصها، مما يجعل من علاجها عملية مليئة بالتحديات. فغالباً ما تُصنَّف هذه الحالات بشكل خاطئ ويتم إهمالها، لكن يمكن معالجة تجلياتها البدنية بمساعدة الطبيب أو المرشد النفسي وبالاعتماد على الأدوية المناسبة. وفي ظل وصمة العار والإقصاء اللذين يرافقان هذه الحالات، فقد يحصل العديد من ذوي الإعاقات الخفية على العلاج الخاطئ الذي يركز على "شفاء" الشخص بدلاً من تلبية احتياجاته الطبية والاجتماعية وتحسين جودة حياته [3] . وما هذا إلا نتيجة للمعلومات المغلوطة والتصورات الخاطئة التي نشهدها في العديد من المجتمعات التي تنظر إلى الإعاقات على أنها مرض أو عبء. 

ما هي التحديات في هذا الخصوص؟

يواجه ذوو الإعاقات الخفية تحديات عديدة من أهمها غياب الفهم لهذه الحالات وعدم
تشخيصها في الوقت المناسب. فحين لا تكون علامات الإعاقة واضحة أو لا تتظاهر الأعراض إلا أحياناً أو تتطلب الحالة تشخيصاً مستفيضاً ومكلفاً، عندها يصعب شرح وتبرير بعض احتياجات هؤلاء الأشخاص الذين قد يعانون في صمت ودون علم الآخرين. كما يواجه الكثير مصاعب جمة قبل أن يتم الإقرار بإعاقاتهم، إذ يغلب أن تُعتبر هذه الحالات الخفية مؤقتة أو قد تكون مرفوضة كلياً. ولهذا فإن الوضع الخفي للإعاقة، إضافةً إلى قلة المعلومات حول أسبابها وطبيعتها، قد يؤديان إلى وصمة عار شديدة، وهذا بالتالي قد يصعب الحصول على الخدمات الصحية أو المشاركة على قدم المساواة في المجتمع [4] . إذ يمكن أن يُحرم ذوو الإعاقات الخفية من استقلاليتهم كما قد يوصف بعضهم على أنهم معتلون عقلياً أو يوضعون في مصحات أو يتعرضون للتعقيم/الإعقام القسري [5]. لكن حتى لو أقر المجتمع بهذه الإعاقات، إلا أن الأشخاص قد يتعرضون للإقصاء، خاصةً وأن كثيراً من المجتمعات تنظر إلى الإعاقة على أنها مرادف لغياب القدرة: القدرة على الاستقلالية، والقدرة على العمل وكسب الرزق، والقدرة على أن يكون المرء فرداً منتجاً في المجتمع. 

كيف يندرج علاج الأشخاص ذوي الإعاقات الخفية ضمن نطاق عمل أطباء بلا حدود؟

تقدم فرقنا الرعاية الطبية للمرضى ذوي الإعاقات الخفية وكذلك الحالات صعبة التشخيص أو النادرة، علماً أن جزءاً هاماً من هذا العمل يتم في سياقات لا تعترف بهذه الحالات الخفية أو تعتبرها غير موجودة أو تخيُّلية أو أنها تترافق بوصمة عار شديدة.
- نقدم الرعاية للمصابين بالأمراض المزمنة.
- تعالج فرقنا العواقب التي تخلفها المضاعفات الصحية الإنجابية والتي تشمل ناسور الولادة والإجهاض غير الآمن.
- نتصدى لاحتياجات الصحة النفسية بين الناس ونعالج ضحايا التعذيب واللاجئين الذين تلاحقهم الصدمات أو يعيشون في متاهة لا نهاية لها، كما نركز على مقاربة مجتمعية من شأنها القضاء على وصمة العار والسماح بالتواصل مع عدد أكبر من الناس. 

[1]  اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة التابعة للأمم المتحدة. 
[2]  لورا ملينز، ميشيل بريد (2013)، تجربة الطلاب ذوي الإعاقات الخفية في جامعة كندية، مجلة الإعاقة والمجتمع، العدد 28:2، الصفحات 147 – 160.
[3]  منظمة الصحة العالمية (2018)، الإعاقة والصحة.
[4], [5]  اليونيسف (2011)، التقرير العالمي حول الإعاقة، الصفحة 9.


الصرع
حالة عصبية غير مرئية

ما هو الصرع؟

يعد الصرع أشيع مرض عصبي حيث يصيب نحو 50 مليون إنسان حول العالم [1] . ويتظاهر الصرع على شكل نوبات متكررة قد ترتقي إلى فقدان للوعي أو فقدان السيطرة 2] على وظيفة الأمعاء أو المثان].


كيف يكون الصرع مسبباً للإعاقة؟

قد يؤدي استمرار النوبات إلى صعوبة في الحفاظ على العمل أو القيام بأنشطة الحياة اليومية. إذ قد يواجه المصابون بالصرع صعوبات في التنقل أو الاستحمام أو تناول الطعام [3] دون مساعدة


ما أهمية هذا بالنسبة لأطباء بلا حدود؟

يعيش حوالي 80 بالمئة من المتضررين بالصرع في بلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، علماً أن 75 بالمئة من هؤلاء الناس لا يحصلون على العلاج الذين هم بحاجة إليه[4]. كما أنهم يواجهون وصمة العار نتيجةً للمعلومات المغلوطة والمعتقدات المترسخة التي تربط بين المرض والبلاء أو الاستحواذ من قبل أرواح شريرة أو السحر والشعوذة.



التأكد من الحقائق: هل يمكن الشفاء من الصرع؟
لا يمكن الشفاء من هذا المرض، لكن يمكن لنحو 70 بالمئة من المصابين بالصرع العيش بدون نوبات في حال تم تشخيص المرض وعلاجه بالشكل المناسب (منظمة الصحة العالمية، 2019).


كيف تؤثر وصمة العار في حصول المصابين بالصرع على الرعاية الصحية؟

قد يتعرض الأشخاص المصابون بالصرع لقيود تفرضها أسرهم أو مجتمعاتهم كما قد
يُعزَلون عن العالم الخارجي، حيث يجري تقييد بعضهم بالسلاسل أو الحبال أو يحتجزون خلف أبواب موصدة [5]. وهذه الممارسات تُصعِّب جداً على هؤلاء الناس التفاعل مع الآخرين والحصول على الخدمات الأساسية. لكن حتى في غياب القيود الفعلية، نجد بأن وصمة العار والتمييز لا يزالان يشكلان عائقاً كبيراً أمام حصول هؤلاء الأشخاص على الرعاية الصحية. كما قد يصبح المصابون بالصرع خجولين أو محرجين من طلب المساعدة الطبية التي تعد أمراً ضرورياً لتأمين العلاج الذي يحتاجون إليه لوقف النوبات. وهذا يؤدي إلى حلقة مفرغة، حيث تعيق وصمة العار الحصول على الرعاية، وهذا بدوره يفاقم من الأعراض ويعزز بالتالي من وصمة العار.
يشار إلى أن الأشخاص الذين تتاح لهم خدمات الرعاية الصحية قد يترددون في الإفصاح عن معلومات حول إعاقتهم للآخرين، بمن فيهم الطواقم الطبية، وذلك خوفاً من إطلاق الأحكام بحقهم[6]. ولهذا فإن مساعدة المرضى على الإحساس بالراحة لإطلاعنا على المعلومات المتعلقة بإعاقتهم وإجراء تسهيلات بسيطة لتلبية احتياجاتهم من شأنه أن يقلل إلى حد بعيد العوائق التي تمنعهم من الحصول على الرعاية الصحية.

التسهيلات أمام الأشخاص المصابين بالصرع

لا توجد تسهيلات شاملة للأشخاص المصابين بالصرع، خاصةً وأنه مرض يتنوع بشدة في أعراضه وحدته، لكن لا بد من مناقشة التسهيلات التي يحتاج إليها الفرد، كي نتخذ قراراً حول أفضل سبل الدعم التي تسمح لهم بإنجاز الأمور على أفضل نحو ممكن، كأن نقدم مثلاً إرشادات خطيّة وشفهية للأشخاص الذين يتناولون أدوية من شأنها التأثير على الذاكرة[7] . والأهم من كل هذا إيجاد مساحة آمنة تتيح للمرضى الحديث عن إعاقتهم والتعبير عن احتياجاتهم.


[1], [2]  منظمة الصحة العالمية (2019). الصرع

[3]  جامعة أيوا (2007). مؤشر كاتز حول الاستقلالية في أداء أنشطة الحياة اليومية.

[4]  منظمة الصحة العالمية (2019). الصرع.

[5]   منظمة أطباء بلا حدود (2018) مقاربة مبتكرة لرعاية الصحة النفسية.

[6]  توماس، إس. و ناير، أ. (2011). مواجهة وصمة العار المرتبطة بالصرع.

[7]  مؤسسة الصرع (2013). التسهيلات المنطقية.


قرحة بورولي
مرض استوائي مهمل يخلف عواقب تسبب الإعاقة

قرحة بورولي عدوى جلدية مزمنة تسبب تقرحات كبيرة يصعب جداً الشفاء منها وقد تؤدي إلى إعاقة بدنية شديدة ودائمة[1] . تصيب بشكل رئيسي الأطفال دون سن الخامسة عشرة والنساء في المجتمعات الريفية الفقيرة التي تعيش على مقربة من مياه بطيئة الحركة أو راكدة كالبحيرات والبرك والمستنقعات[2] . المرض موجود في أكثر من 30 بلداً في إفريقيا وأمريكا الجنوبية ومنطقة غرب المحيط الهادئ. وقد سجلت سنة 2018 ما مجموعه 2,713 إصابة، علماً أن هذا الرقم كان أكبر من الرقم المسجل في السنة السابقة. يشار إلى هذه الإحصائيات لا تعبر عن الأعداد الحقيقية للمرضى، حيث أن 14 بلداً فقط تبلغ منظمة الصحة العالمية بانتظام عن حالات الإصابة.

تنتج قرحة بورولي، مثلها مثل السل والجذام، عن الإصابة بجرثومة المُتَفَطِّرة، التي تعرف في هذه الحالة باسم المتفطّرة المقرِّحة[3] ، علماً أنه لا يمكن لهذه الجرثومة الانتقال من إنسان إلى آخر. وصحيحٌ أن الجرثومة اكتُشِفت[4]  في عام 1948، إلا أننا لا نعرف سوى القليل عن طرق انتقالها وآلية ترقي المرض بعد الإصابة.

وفي ظل المعرفة المحدودة حول أصل العدوى، لا تزال بعض المجتمعات تعتقد بأنها تنجم عن لعنة. وهذه المعتقدات تؤدي إلى وصمة عار تحلق بالمرضى الذين يتعرضون أيضاً للإقصاء، وتعد من الأسباب التي تدفع المصابين بهذه القرحة لعدم السعي للحصول على الرعاية الصحية إلا حين يصبحون في مرحلة متقدمة من المرض.

وقد ثبُت أيضاً أن فيروس نقص المناعة البشرية أكثر انتشاراً بين المصابين بقرحة بورولي. ففي الكاميرون مثلاً، نجد أن معدلات الإصابة بالفيروس أعلى 5 إلى 6 مرات بين المصابين بهذه القرحة مقارنةً بباقي الناس. كما أن الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية تزيد من حدة [5] القرحة واستمرارها .

وثمة حاجة إلى تسليط المزيد من الضوء على هذا المرض المهمل وتعزيز جهود الوقاية منه وعلاجه في الوقت المناسب، وذلك من أجل تجنب تشوه الكثير من الناس الضعفاء ومعظمهم أطفال يعيشون في مجتمعات ريفية فقيرة والحؤول دون إصابتهم بإعاقات مستديمة وتعريضهم لحياة من الحرمان.

عمل أطباء بلا حدود في التصدي لقرحة بورولي

[1], [2] منظمة أطباء بلا حدود (2012) , نشر التوعية حول قرحة بورولي 

[3] منظمة أطباء بلا حدود (2002), منظمة أطباء بلا حدود تفتح مشروع "قرحة بورولي" فالكاميرون

[4] المعهد النرويجي للصحة العامة (2010), قرحة بورولي - دليل للمهنيين الصحيين ؛ المقالة متوفرة فقط باللغة النرويجية

[5] منظمة أطباء بلا حدود (2012) , نشر التوعية حول قرحة بورولي

شارك هذه الصفحة

mobirise.com free website creator