معلومات ومصادر حول الأمراض والاحتياجات التي تستجيب لها أطباء بلا حدود في الميدان وذات الصلة الوثيقة بالإعاقات
كانت فاطمة الجاسم في التاسعة من عمرها حين بدأت في التطوع. فقد كانت وهي في الثانية عشرة من عمرها تنظم ورش عمل لمدرسيها تطلعهم فيها على إدماج ذوي الإعاقة. وها هي اليوم تقدّم لنا أهم النصائح حول الإدماج في عمليات الاستجابة للطوارئ والعمل الإنساني بشكل عام
كانت فاطمة الجاسم في الطابق التاسع للفندق حين دون صفارات إنذار الحريق. كان قلبها يخفق بقوة وكانت مرعوبةً، فلم يكن لديها أدنى فكرة عن كيفية العودة إلى الطابق الأرضي
تقول فاطمة: "لم يستطع كذلك أيٌّ ممن كان حولي مساعدتي. وهنا اتضحت لي أهمية الإدماج في الاستجابة لحالات الطوارئ. فذلك الشعور بالعجز والخوف التام هو ما حفزني للتوعية باستجابة الطوارئ الشاملة والدامجة. منذ تلك اللحظة وأنا أدرّب الناس على استجابة الطوارئ الشاملة الدامجة في إطار عملي"
وبالفعل، فقد كان أمامها عمل كثير. وهي اليوم مندوبة شباب الإمارات في اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة التي اعتمدتها الأمم المتحدة، كما أنها متخصصة في شؤون الإتاحة وتعمل مستشارة لتمكين أصحاب الهمم (وهو المصطلح المفضل استخدامه في الإمارات العربية المتحدة لوصف الأشخاص ذوي الإعاقة)، علماً أن فاطمة قد دربت حسب تقديراتها أكثر من 10,000 شخص حتى الآن، وهي لم تتجاوز بعد الخامسة والعشرين من عمرها
تتابع فاطمة: "بما أنني من ذوي الإعاقة، فقد تعلمت أن أدافع عن حقوقي في سن مبكرة. ثم لاحظت بأن من حولي من ذوي الإعاقة لم يكونوا على علم بكيفية الدفاع عن أنفسهم، ولهذا فقد علمتهم كيف يدافعون عن حقوقهم. ومن هناك كانت البداية"
هذا وتعمل فاطمة اليوم مع عدة حكومات وشركات لتساعدها على تحسين سياساتها في مجال الإدماج
وبما أن فرق أطباء بلا حدود تتركز في سياقات النزاعات بمختلف أنواعها، لذا فإن الطوارئ جزءٌ من عملنا اليومي. ويلتقي مشروع التنوع والمساواة والإدماج المعني بإدماج ذوي الإعاقة بفاطمة الجاسم للاطلاع على أفكارها حول تعزيز شمول وإدماج استجابة الطوارئ التي تضطلع بها فرقنا. وكانت أولى نصائحها إدماج ذوي الإعاقة في عملية التخطيط استعداداً للكوارث، فإذا ما بدأنا بالتخطيط حين تقع الطوارئ نكون قد تأخرنا
تقول فاطمة: "استمعوا إلى الأشخاص ذوي الإعاقة وتبيّنوا المجالات الواجب تحسينها. افتحوا الموضوع مع موظفيكم ذوي الإعاقة في يومهم الأول، فهكذا ستعرفون كيف تجعلونهم يشعرون بالأمان"
لكن النقاشات المتعلقة بالأمان لن تعود بالفائدة على الموظفين ذوي الإعاقة فحسب، إذ أن زملائهم الآخرين سيشعرون بأمان أكبر إذا ما عرفوا كيف يساعدونهم وما يتوجب عليهم فعله عند الطوارئ
وغالباً ما يكون ذوو الإعاقة في موقف ضعيف جداً عند الطوارئ. فقد تكون الطرقات في مخيمات اللاجئين صعبة، إن لم تكن مستحيلة، على مستخدمي الكراسي المتحركة على سبيل المثال. لكن ثمة فروقات أيضاً بين مختلف مجموعات ذوي الإعاقة. إذ نجد أن إدماج ذوي الإعاقات البدنية يكون أفضل في أغلب الأحيان عند الاستجابة للطوارئ مقارنةً بمن لديهم إعاقات في النمو
وتنوه فاطمة قائلة: "لا بد أن نتذكر بأن في المعلومات قوّة. إذ أن تمكين ذوي الإعاقة يتحقق إذا ما استطاعوا الوصول إلى البيانات بالاعتماد على تقنيات مختلفة تناسبهم. فقدرة الأشخاص تتعزز حتى إذا ما كانوا على دراية بأصغر الأمور التي يمكنهم فعلها لوقاية أنفسهم خلال جائحة كوفيد على سبيل المثال"
علينا أن نفكر دائماً عند تنفيذ الأنشطة المجتمعية بشكل المعلومات وصيفتها. فهل ننشر المعلومات كتابياً فقط؟ أم عبر الراديو فقط؟ هل تتوفر مواد التواصل هذه بلغة سهلة القراءة؟
هذا وتعتبر البيانات أساسيةً لكل القائمين على الأعمال الإنسانية. فالمنظمات الإنسانية غير الحكومية تتحمل مسؤولية مضاعفة تجاه الأشخاص ذوي الإعاقة لأنها تعمل في سياقات الأزمات التي تؤدي فيها النزاعات المستمرة إلى إصابات وإعاقات بين الكثير من الناس
وهنا تنوّه فاطمة: "لا بد أن نعرف عدد الناس الذين يحتاجون إلى المساعدة في حالات الطوارئ. فإذا ما عرفنا كم منهم لديه إعاقة كان بإمكاننا التخطيط للاستجابة الطارئة بناءً على ذلك"
تعود فاطمة مراراً وتكراراً إلى نقطة أساسية مفادها أن: الإدماج عملية مستمرة.
وتؤكد فاطمة: "مفتاح الإدماج هو الإقرار بأننا لا ولن نعرف كل شيء أبداً. فإذا ما اعترفنا بهذا نكون قد أصبحنا جاهزين للانطلاق في رحلة، وعلى استعداد لارتكاب الأخطاء والتعلم منها"
فلا بد أن نكون منفتحين ونتحلى بالفضول، وأن نكون على استعداد لقبول آراء وملاحظات الأشخاص ذوي الإعاقة وإدخال التغييرات
وتتابع فاطمة: "لا يقتصر الإدماج على الإعاقة، إنما يتجسد في الانفتاح على الجميع. فالإدماج لا يعني لي بالضرورة القبول، إنما قد يكون حجر أساسٍ في سبيل تحقيق القبول"
إذن ما السر الذي يقف وراء تحقيقها لكل هذا وهي لم تتجاوز الخامسة والعشرين بعد؟
وهنا تجيب فاطمة: "أفعل ما أفعله كي أحدث تغييراً، حرصاً مني على ألا يواجه الجيل القادم من الأشخاص ذوي الإعاقة المصاعب ذاتها التي واجهتها"
إنشاء بيئة شاملة دامجة داخلياً. إذ لا يمكن للمنظمات أن تكون شاملة ودامجة إزاء عملائها ما لم تكن كذلك إزاء موظفيها
التمثيل كذلك أمرٌ مهم لكن لا ينبغي أن يكون شكلياً أو رمزياً فقط. فدور ذوي الإعاقة لا يقتصر على الإجابة على استبياناتكم، إنما يجب تعيينهم في مناصب قيادية كذلك
3التواصل أيضاً مهم. وعلينا الانتباه إلى الكيفية التي نتواصل بها مع الأشخاص ذوي الإعاقة. هل نتعامل معهم كأنهم حالات خيرية أم أبطال أم ضحايا عاجزين؟ ولا يجب أن ننسى بأن بعض الناس قد يكونون في موقف لا يسمح لهم بالتعبير عن أنفسهم حينما يشعرون بالضيق
علينا الاستماع إلى الأشخاص ذوي الإعاقة حتى لو لم نكن نعرف كيف نتواصل معهم. فاستماعنا إليهم يعني أننا نقرّ بتجاربهم وما يمرون بهم. ولا بد أن نتحلى بالتعاطف، ولا نستخفّ بالفعل الطيّب مهما صَغُر
علينا مناصرة حقّ الناس في الوصول إلى البيانات وجمعها داخل منظمتنا. إذ لا يمكننا أن نُحسِّن ما نجهله. علماً أن قطاع العمل الإنساني يفتقر إلى الكثير من البيانات حول الإدماج
أخيراً علينا أن نكتسب مهارات الدفاع عن حقّ ذوي الإعاقة في الإدماج. فهذا يساعدنا في تعلّم الدفاع عنهم حين لا يسمح الموقف لهم بالتعبير عن أنفسهم لسبب أو لآخر
يقول باول كابريرا، مستشار الإنشاءات والملاجئ في منظمة أطباء بلا حدود - مركز عمليات برشلونة، الذي أعدّ أول دليل إرشادي للتصاميم المتاحة والشاملة صادر عن أطباء بلا حدود ومُخصّص للقائمين على أعمال البناء والإنشاءات: "إنه بسيط جداً لكنه الخطوة الأولى". إذ يأمل أن يرى مستقبلاً المزيد من المراحيض المتاحة وبشكل عام المزيد من مرافق الرعاية الصحية المتاحة في منظمة أطباء بلا حدود.
وحين سُئل عن الحافز الذي دفعه لإعداد الدليل الإرشادي، لم يتردد في الإجابة فقال:
"أطباء بلا حدود منظمة إنسانية دولية مستقلة. ومن مبادئنا الجوهرية مساعدة الناس حين يواجهون المحن بغض النظر عن دينهم أو معتقداتهم السياسية أو بلدانهم الأصلية. ومن الطبيعي أن نحرص في خطوتنا التالية على تأمين الرعاية للجميع. وهنا يمكنني أن أسهم في إحداث التغيير باعتباري مهندساً معمارياً".
بدأ كابريرا عمله في مجال الإغاثة عام 2004 ثم تسلّم مهام مستشار الإنشاءات والملاجئ في 2009. فقد عمل مع أطباء بلا حدود في جمهورية الكونغو الديمقراطية وإثيوبيا وهايتي وليبيريا وباكستان في مجال الإنشاءات والبناء والخدمات اللوجستية.
وقد ساعدته خبرته التي أكسبته إياها تلك المشاريع في بلورة دليل إرشادي عملي.
ويضيف كابريرا قائلا: "لا يوجد مهندسون معماريون في مشاريعنا في معظم الأحيان. ولهذا كان لا بد للدليل الإرشادي أن يكون بسيطاً كي يتسنى لكل من يعمل على الإنشاءات والبناء اتباعه. لكن هذا الدليل يخدم في الوقت ذاته غرضاً آخر، إذ يسهم في التوعية بقضايا الإتاحة وذوي الإعاقة".
بدأ المشروع بتصنيف الوثائق التي تتناول مساءل الإتاحة والمعتمدة في منظمة أطباء بلا حدود ثم مقارنتها بتلك التي تعتمدها اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومنظمة معماريون بلا حدود.
ونظراً لأن معظم الإرشادات تتعلق ببناء دورات المياه والحمامات المتاحة، فقد عمل كابريرا بشكل مباشر مع مستشاري المياه والصرف الصحي الذين أسهموا بخبراتهم في هذا المجال.
ثم جاءت جائحة كوفيد لتقدم الدفعة الأخيرة من الدعم للمشروع حين توقف أحد داعمي المشروع المتخصص في الهندسة المعمارية عن العمل نظراً للإغلاق وبالتالي أسهم في إنجاز الدليل.
وقد تشاور كابريرا خلال المراحل النهائية مع زملائه في باقي مراكز العمليات الذين قدموا له آراءهم ليصبح بعدها الدليل جاهزاً للتوزيع على متخصصي الإنشاءات والبناء خلال جلسات الإحاطة التي تسبق انطلاقهم إلى البعثات.
نحو مستقبل يعزز الإتاحة
غالباً ما تعمل أطباء بلا حدود ضمن ظروفٍ تواجه فيها تحديات قد تفرض بعض المصاعب الإضافية على صعيد بناء المرافق.
وقد تكون السلوكيات أحياناً أكبر العوائق التي تحول دون تحقيق أبنية متاحة. فإذا ما كان ذوو الإعاقة غائبين عن أنظار المجتمع، سيصعب علينا تبرير إنشاء ممرات منحدرة لأناسٍ يبدو أن لا وجود لهم.
وتابع كابريرا كلامه قائلاً: "تتحول هذه المسألة إلى حلقة مفرغة. فحين لا تكون المرافق متاحة لن يأتي ذوو الإعاقة. وحين لا يأتي ذوو الإعاقة سيبدو وكأنهم غير موجودين ولن تحصل أية تغييرات لتعزيز إتاحة المرافق".
قد نرى أحياناً اجتماع العقبات الفعلية والسلوكية في الآن ذاته كما هي حال أحد المشاريع الذي كان كابريرا يزوره في جمهورية إفريقيا الوسطى.
وقد قال في هذا الإطار: "كان المشروع في منطقة نائية جداً وكان يفتقر إلى مواد البناء حيث اضطررنا إلى الارتجال بما كان متوفراً لإنشاء ممر منحدر لعيادتنا. صمّمنا الممر المنحدر في الأساس ليناسب النقّالات، لكن سرعان ما بدأ مستخدمو الكراسي المتحركة والأطفال والنساء باستخدامه. وقد كانت تلك تجربةً مجزية للطواقم".
وهكذا أصبح ذوو الإعاقة مرئيين.
يأمل كابريرا أن تخضع جميع مرافقنا الصحية لمراجعات منتظمة بالتعاون مع المرضى الذين يمكنهم المساعدة في تحديد العوائق التي قد تقف في وجه الرعاية والإسهام في إيجاد حلول للالتفاف عليها. كما أن ثمة هدفاً آخر يتمثل في اعتماد نسبة معينة من المراحيض والحمامات المتاحة في جميع مرافق الرعاية الصحية.
وينصح مشروع إدماج ذوي الإعاقة بالتواصل والتعاون مع منظمات ذوي الإعاقة التي من شأنها أن تقدم رؤى معلومات معمّقة قيمة حول كيفية تعزيز إتاحة المرافق والخدمات التي تدعمها أطباء بلا حدود أمام الأشخاص ذوي الإعاقة.
كما يعمل كابريرا هذا العام على جمع بيانات حول عدد المشاريع التي تحرص على إتاحة مرافق الرعاية الصحية أمام ذوي الإعاقة معتمدةً على تطبيق معايير الإتاحة.
واختتم كابريرا قائلاً: "يسعدني جداً أننا نجحنا أخيراً في أن نولي أهمية أكبر لهذا الموضوع. فقد أدركنا حين كنا نعدل تلك الإرشادات بأننا تأخرنا، إذ كان بإمكاننا فعل هذا قبل وقت طويل".
ههل تعرفون أحداً يعمل في الإنشاءات والبناء في السياقات الإنسانية؟ يمكنكم الاطلاع على الدليل الإرشادي للتصاميم المتاحة والشاملة باللغة العربية.
هل يهمّكم الاطلاع أكثر على التصاميم الشاملة؟ نستضيف ندوة على الإنترنت تتناول موضوع الإنشاءات المتاحة في السياقات الإنسانية وسنقدم معلومات أكثر عنها لاحقاً. إن كنتم من متابعي رسالتنا الإخبارية فستكونون أول من يعلم بموعد افتتاح باب التسجيل لحضور الندوة. للإشتراك في الرسالة الإخبارية يرجى التسجيل في الرابط.
كيف تواكبون مرضاكم وتبنون علاقتكم بهم؟
لا بد من بناء العلاقات مع المرض لنجاح عملنا. ولهذا يتعين على خلال جلسات العلاج أن ألمس المرضى وأتقرب منهم وأن أساعدهم على فهم مشاعرهم واستيعاب ما يجري. عادةً ما أعمل مع الأطفال دون سن الخامسة، إذ يكون الأطفال الأكبر سناً أكثر إدراكاً لما يجري. إلا أن الأطفال الصغار يبكون ويكونون خائفين. فحين يرونني وأنا أضع القفازات يعتقدون بأنني سأضمد جرحاً ولهذا تجدهم يخافون. لدي في مكتبي ألعاب، وعادةً ما نبدأ بجلسة علاج باللعب كي أسمح للأطفال بالتعرف والاعتياد علي. ثمة أيضاً صور للفت انتباههم وهي تتضمن وجوهاً باسمة، حيث أستخدمها كي أقول لهم بأنني صديق ولست عدواً. كما أنني أزور الأطفال في الجناح كي أقضي معهم الوقت، وهكذا أكسب ثقتهم التي تسهل علي جداً متابعة العلاج. كما أجد بعد فترة بأن الأطفال الذين كانوا خجولين وخائفين قد باتوا يتسللون إلى مكتبي للعب، كما أن بعضهم يناديني "بابا"
وعندما أعمل على بناء العلاقة بالأطفال فلا بد أن أبني كذلك علاقة بمن يرعاهم، فهم من تقع على عاتقهم مسؤولية متابعة التمارين اليومين للأطفال بعد تخريجهم من المستشفى. وهذا يشمل إجراء تدريبات مكثفة وفي بعض الأحيان تهيئة الظروف المناسبة لتوثيق علاقتهم بالأطفال بالاعتماد على جلسات العلاج باللعب. فحين يثق الطفل بمن يرعاه وتكون الرابطة التي تجمعهما قوية، تزيد فرصة متابعة العلاج في المنزل
كيف تنخرطون في العمل وبناء العلاقات مع الأهالي والمجتمع؟
تعد الأنشطة المجتمعية حجر الأساس في مشروع سوكوتو ويشرف عليها فريق خاص بها. أعمل مع طواقم التوعية الصحية كي أشرح لهم أكثر عن الضزز، بحيث يستطيعون أن ينقلوا هذه الرسائل للمجتمع. كما أنهم يساعدونني في التواصل مع أسر المرضى الذين تغيبوا عن مواعيد جلسات المتابعة. فحين أعلم بأن أحد القائمين عن رياضة مريض لم يتابع العلاج، تجدني أتصل بالتعاون مع فريق الصحة النفسية ببيت المريض للحديث مع أي شخص موجود، سواء الأب أم الزعيم المجتمعي، وذلك كي نشرح لهم آلية العلاج مرة أخرى ونطلب منهم دعم المريض بشكل أكبر
ما هي أصعب التحديات التي تواجهك في عملك؟
تتمثل أهم التحديات في ضعف امتثال المرضى للعلاج. قد يتابع الطفل العلاج في المستشفى ويحقق نتائج رائعة، لكن لا يمكن لأثرها أن يستمر إلا إذا انصاع الطفل ومن يرعاه للتعليمات في المنزل. وقد نواجه تحديات في تدريب القائمين على رعاية الأطفال على تمارين العلاج الفيزيائي، إذ غالباً ما يصعب عليهم تذكر كيفية توجيه الحركات وكيفية تمطيط الأنسجة الرخوة ووضع خافض اللسان في الفم، وهو ما نستخدمه بشكل روتيني في العلاج الفيزيائي للناجين من نوما. وغالباً ما تزداد المصاعب حين لا يكون مرافق الطفل في المستشفى الشخص ذاته الذي سيعيش معه الطفل لاحقاً. لا بد من تدريب هذا الشخص وأن يكون قادراً على متابعة علاج المريض. لكن العديد من الأطفال يأتون إلى سوكوتو برفقة جدتهم ويعودون لاحقاً للعيش مع والديهم اللذين لا يعرفان كيفية متابعة العلاج
لذلك حين تكون خدمات العلاج الفيزيائي متوفرة على مقربة من المجتمع فسنكون قادرين على إحالة المرضى والتقليل من خطر تدهور حالتهم. لكن لا مكان نحيل إليه المرضى. إذ لا يوجد في شمال غرب نيجيريا سوى القليل من المعالجين الفيزيائيين، علاوةً على ضعف الوعي بالدور الذي يؤديه العلاج الفيزيائي في إطار الرعاية الطبية. كما أن تفاقم الاضطرابات في المنطقة يجبر المزيد من الأسر على الفرار. وحين ينزح الناس يصعب عليهم أكثر رعاية أطفالهم ومتابعة علاجهم، كما يصعب علينا أكثر متابعتهم في الوقت المناسب
هل هناك قصة من قصص المرضى علقت في ذاكرتك وتود أن تطلعنا عليها؟
أسمع قصص مرضى لم يقدروا على فتح أفواههم لسنوات، وبالكاد كانوا يستطيعون الكلام وكانوا يعانون لتناول الطعام حيث يضطرون إلى دفع قطع صغيرة من الطعام في الفراغات ما بين الأسنان. لكنهم حافظوا على قوتهم المذهلة رغم كل معاناتهم. وحين تلتقي بهم أول مرة تراهم منهكين. لكن بمتابعة العلاج تجدهم وقد شرعوا في الكلام والتفاعل والضحك، وحين يتخرجون من المستشفى في نهاية المطاف يكونون قد اكتسبوا ثقة تسمح لهم بأن يفعلوا ما يفعله باقي الناس
أذكر طفلاً كان يعيش مع جدته وكان قد أتى إلى المستشفى ولم يتبقّ من فتحة فمه سوى ميليمتر واحد. لكننا نجحنا خلال أسابيع قليلة في زيادتها إلى 6 ميليمترات. وحين عاد الصبي إلينا للمتابعة، ركض نحوي وصاح: "فمي مفتوح. فمي مفتوح". أخبرتنا جدته بأنه يستطيع تناول الطعام واللعب مع باقي الأطفال، كما أنه عاد إلى المدرسة. غالباً ما يترك الناجون من نوما مقاعد الدراسة نتيجة إعاقتهم ووصمة العار التي تلحق بهم، ولهذا فقد سعدنا حين علمنا بأن هذا الطفل قد حظي بفرصة جديدة لمتابعة تعليمه
جاءتنا أيضاً مريضة شابة لم تكن تستطيع الزواج لأن فكها مقفل. خضعت لعملية جراحية لعلاج الإقفال ونجحت بعدها بفضل العلاج الفيزيائي في فتح فمها. وحين عادت إلى سوكوتو أحضرت لي معها بطاقة دعوة لحضور زفافها. لا أزال أحتفظ بالدعوة معلقة في مكتبي، وكلما نظرت إليها زدت شجاعةً وتذكرت الأثر الذي يحققه عملي
كيف تختلف مخاطر المضاعفات الصحية الإنجابية بين البلدان المتقدمة والنامية؟ وما هي أهم العوامل التي تفاقم هذه المخاطر في السياقات التي تتدخل فيها منظمة أطباء بلا حدود؟
ترتفع مخاطر الإصابة بالمضاعفات الصحية الإنجابية في معظم السياقات التي تعمل فيها المنظمة. وهذا يعود في أحد أسبابه إلى صعوبة الحصول على خدمات التخطيط الأسري. إذ تتزوج النساء في أعمار مبكرة جداً ولا يتدخلن عادةً في قرار عدد الأطفال. وبالتالي نرى فتيات حوامل بأعمار مبكرة تصل إلى حد 12 سنة، وكذلك نساء بأعمار تصل إلى 46 سنة ويعانين أساساً من ارتفاع الضغط أو السكري وهن ينتظرن وضع مولودهن الحادي أو الثاني عشر. يعتبر أيضاً بعد المرافق الصحية من الأسباب الأخرى التي تزيد مخاطر الإصابة بمضاعفات. فقد التقيت في سيراليون بنساء اضطررن للسفر أياماً كي يخضعن لعلميات قيصرية بعد مخاض طويل، علماً أن بعضهن أصبن بناسور الولادة أو بسقوط القدم نتيجةً لإصابة عصبية. كما تستقبل فرق أطباء بلا حدود أعداداً كبيرة من المريضات اللواتي يعانين من مضاعفات جراء الإجهاض غير الآمن. هذا ولا تحصل النساء غير المتزوجات في الكثير من البلدان على خدمات التخطيط الأسري، كما يصعب على المتزوجات الحصول على مانعات الحمل، في حين تغيب أي إمكانية لإنهاء الحمل بطريقة آمنة. وهنا تلجأ النساء اللواتي يعشن في مثل هذه السياقات إلى الإجهاض غير الآمن ثم يأتين إلينا وقد أصبن بمضاعفات مباشرة: نزف أو التهاب أو ناسور أو انثقاب أمعاء. وهذا ما نراه في وحدات رعاية .الأمومة وما يبقى خفياً عن الأعين لسنين طويلة تكون فيها النساء غير قادرات على الإنجاب بسبب الع
ما هي أشيع المضاعفات الصحية الإنجابية التي من شأنها أن تؤدي إلى الإعاقة وفقاً لمشاهداتكم في الميدان؟
يعد الإجهاض غير الآمن والولادات المتعسرة سبباً لأشيع المضافعات التي تؤدي إلى إعاقات. فالمضاعفات الشديدة الناجمة عن المخاضات المبكرة أو الصعبة أو الطويلة قد تؤثر على الأم وطفلها، متسببة للأم بإصابات على غرار ناسور الولادة وسقوط القدم، كما قد تؤدي إلى العديد من الإعاقات الجسدية والمشاكل العصبية لدى الأطفال. ونتيجةً لعمل أطباء بلا حدود في مناطق النزاع وفي مناطق تسجل مستويات مرتفعة من العنف الجنسي، فإنه تبرز لدينا فئة أخرى من المضاعفات الشائعة في الميدان والتي تأتي نتيجة لمختلف أشكال العنف الجنسي، بما في ذلك تشويه الأعضاء التناسلة للإناث . فقد تعاني الضحايا من مضاعفات مباشرة كجروح المهبل والإصابة بالعدوى التي تشمل فيروس نقص المناعة البشرية وغيرها من الأمراض المنقولة جنسياً، إضافةً إلى تبعات طويلة الأمد كالندب التي تنجم عن الإصابات البليغة التي يتعرض لها المهبل. وقد عالجت مرةً في جمهورية الكونغو الديمقراطية امرأة نجت من اعتداء عدة رجال عليها وكان تعاني من جرح قاطع في المهبل تسبب به سكين من الداخل. زارتنا في العيادة بعد عام من الحادثة، وكانت لا تزال تعاني وغير قادرة على ممارسة الجنس نتيجةً للتشوه الذي لحق بها. تعمل منظمة أطباء لا حدود كذلك في بلدان يشيع فيها تشويه الأعضاء التناسلية للإناث، ففي سيراليون التي تتعرض فيها 90 بالمئة من النساء لهذه الممارسات، قابلت مريضة لديها ندبة على مستوى المهبل كانت قد أتت إلى المستشفى لتضع مولودها. ولكن حين بدأ الجنين بالخروج، بدأت الندبة تنزف واضطررت للإسراع بها إلى غرفة العمليات كي نخيط مكان الندبة. كما نرى في بلدان مثل إثيوبيا والصومال أشكالاً شديدة من تشويه الأعضاء التناسلية للإناث حيث يقطعون الأشفار ويخيطون المهبل، وهذا ما يتسبب بمضاعفات عديدة تشمل صعوبات في الولادة وجدرات (شكل من أشكال الندب) شديدة أو عسر في الجماع الذي هو عبارة عن آلام تترافق بممارسة الجنس وتحرم المرأة من الاستمتاع. وللأسف، فإن علاج مضاعفات هذه الممارسات صعبة ومعقدة للغاية وتفوق القدرات التي تمتلكها منظمة أطباء بلا حدود في الوقت الراهن.
هل شاهدت في الميدان أية إعاقة مكتسبة لا تغيب عن بالك؟
حين كنت أعمل طبيبة توليد في سيراليون قابلت مريضة عمرها 17 عاماً وتعاني من ألم بطني حاد تبين أنه من مضاعفات إجهاض غير آمن خضعت له. كانت الفتاة لا تزال تذهب إلى المدرسة، وهو وضع استثنائي في سيراليون التي لا تحصل معظم الفتيات فيها على التعليم أو تتركن مقاعد الدراسة في سن مبكرة. لكنها اضطرت إلى دفع ثمن باهظ لذلك، حيث كان عليها أن تمارس الجنس مع مدرّسها كي تبقى في المدرسة. وحين حملت أخبرت والدتها وجدتها، وقررن معاً إنهاء الحمل. قام معالج تقليدي باستخدام أداة حادة لثقب عنق الرحم، لكنه ثقب الأمعاء بدلاً من ذلك. وحين وصلت الفتاة إلى المستشفى أجريت لها صورة بالأمواج فوق الصوتية ورأيت كتلة كبيرة مختلطة مع الرحم. أذكر أنني قلت وقتها لنفسي: "هذا خارج نطاق قدراتي على مساعدتها". فقد كانت بحاجةٍ إلى جراحة عاجلة. لم تكن منظمة أطباء بلا حدود تقدم خدمات الجراحة العامة في المشروع، ولهذا أحلناها إلى منظمة غير حكومية تقدم خدمات جراحية عالية الجودة في فريتاون. وقد أجريت لها في نهاية المطاف مفاغرة، وكانت لا تزال بحاجة إلى مزيد من العلاج لكن وباء إيبولا ضرب البلاد وغادرت تلك المنظمة. لا أدري كيف انتهت قصة تلك الفتاة، فربما تعاني اليوم من إعاقة ستبقى معها مدى الحياة. لست متأكدة حتى إذا ما كانت على قيد الحياة أصلاً، خاصةً وأن حياتها في ظروف تفتقر إلى النظافة ولديها مفاغرة قد تعرضها بسهولة لأمراض تهدد حياتها. حدث كل هذا لها لمجرد أنها أرادت أن تبقى على مقاعد الدراسة. لكانت قصتها اختلفت لو كان بمقدورها الحصول على خدمات التخطيط الأسري أو الإجهاض الآمن
هل ترين نساءً لدين إعاقات في أجنحة ومستشفيات الامومة التي نديرها؟
أجل، ومن أمثلتها ناسور الولادة. حيث تستقبل المنظمة في جميع المشاريع التي عملت فيها نساءً يعانين من الناسور يأتين لوضع مواليدهن بالطريقة الطبيعية أو بعملية قيصرية. وعندها نقوم بترتيب العلاج لهن أو نحيلهن إلى منظمات غير حكومية أخرى أو مستشفيات عامة. كما نرى مريضات أصبن بتمزق الرحم الذي عادةً ما يحدث خلال إجهاض شديد وطويل لا يكون فيه الجنين قادراً على الخروج لأيام. ودائماً ما نحاول إنقاذ الرحم، خاصةً إذا ما كانت المريضة راغبة في إنجاب مزيد من الأطفال، لكن بالنتيجة لن تستطيع حتى النساء اللواتي تعافين من وضع مواليدهن طبيعياً مرة أخرى، كما أن حملهن في المستقبل سيكون عرضة للخطر. إذ نرى المريضات ذاتهن وقد عدن بعد سنوات طلباً للمساعدة
ما نسبة ذوي الإعاقة بين المرضى الذين تقدم لهم طواقم أطباء بلا حدود العلاج بحسب خبرتك؟
يشكل هؤلاء المرضى أقلية. لا يمكنني أن أقول أنهم واحد بالمئة أو ثلاثة بالمئة، لكننا نتحدث عن جزء بسيط جداً من إجمالي مرضانا. كما أن معظم عملي كان يتركز في وحدات الأمومة، أي مع نساء حوامل أساساً. أما في حال العمل ضمن أقسام العيادات الخارجية فقد نرى أشكالاً أخرى من الإعاقات التي تشمل العقم ، الذي يعد مشكلة كبيرة في السياقات التي تعمل فيها المنظمة لأن علاجه معقد ومكلف، كما أننا نفتقد إلى الوسائل التي تسمح لنا بعلاجه
ما هي الأسباب الرئيسية للعقم في السياقات الميدانية؟
عادةً ما ينجم العقم عن عدوى في منطقة الحوض أو عن الأمراض المنقولة جنسياً أو الإنتان النفاسي، لكنه قد يكون كذلك من التبعات طويلة الأمد لاتباع علاجات خاطئة لمداواة التهاب الزائدة. لكن التشخيص والتدخل في مرحلة مبكرة يقلل كثيراً من مخاطر العقم، إلا أن مريضاتنا غالباً ما يواجهن مصاعب في الحصول على الرعاية الطبية، كما أن كثيرات منهن يأتين بعد فوات الأوان. تفرض بعض السياقات مصاعب إضافية تتمثل بانتشار فيروس نقص المناعة البشرية. فالنساء المصابات بالفيروس أكثر عرضة للإصابة بغيره من الأمراض المنقولة جنسياً كالكلاميديا (المتدثرة) والسيلان، والتي تفاقم من الأذى في ظل ضعف الجهاز المناعي للمريضة
ماذا بخصوص النساء من ذوي الإعاقات الناتجة عن مضاعفات صحية إنجابية واللواتي لا يستطعن الاستفادة من الخدمات التي نقدمها؟ ما هي العوائق التي يواجهنها؟
تتعدد العقبات ويصعب اجتيازها. فحين تصاب امرأة ما بناسور الولادة غالباً ما يطلقها زوجها، فتصبح امرأة منبوذة، وستواجه كارثةً في حال كانت تعتمد على زوجها في إعالتها. وحتى لو كان العلاج مجانياً فلا بد أن تكون على علم بتوفر هذا الخيار أساساً وأن تكون قادرة على تحمل تكاليف النقل. كما أن التعرض لإعاقة ناجمة عن إجهاض غير آمن يفرض عقبات هائلة. ففي البلدان التي تقيّد الإجهاض قانونياً، تضطر النساء الراغبات في علاج المضاعفات الشديدة إلى اختلاق قصة مقنعة أو وضع ثقتهن العمياء في من سيقدم لهن الرعاية الصحية بأنه لن يبلغ الشرطة
ما الذي تفعله منظمة أطباء بلا حدود للحؤول دون وقوع هذه المضاعفات التي تؤدي إلى إعاقات أو التقليل من أضرارها على حياة النساء؟
إلى جانب علاج المرضى، تنظم أطباء بلا حدود أنشطة خارجية تهدف إلى توعية المجتمعات المحلية، حيث يتحدث مشرفو التوعية الصحية إلى كبار القرية والعائلات حول أهمية التوليد في المستشفى بحضور أشخاص مؤهلين ويطلعونهم على علامات الحمل المنذرة بخطر. وهذا ما يعزز وعي الناس بمشاكل على غرار الارتعاج الحملي الذي هو عبارة عن تشجنات مرتبطة بارتفاع ضغط الدوم ويمكن أن يؤدي في حال عدم علاجها إلى سكتة أو إعاقة. أما توعية المجتمع حول إنهاء الحمل فأمرٌ أكثر تعقيداً خاصةً وأن الإجهاض مقيد قانونياً في الكثير من السياقات كما هي الحال تقريباً في جميع بلدان إفريقيا الواقعة جنوب الصحراء الكبرى. لكننا نوعي بعواقب الإجهاض غير الآمن رغم
لماذا تعدّ التوعية الصحية عاملاً هاماً في الحؤول دون وقوع مضاعفات صحية إنجابية؟
كما تنقذ المعلومات الدقيقة حياة الناس كذلك يمكن للمعتقدات الخاطئة المتأصلة حول صحة المرأة أن تخلف عواقب فعلية جداً وخطيرة جداً. فقد كان يسود أحد المجتمعات الريفية في سيراليون على سبيل المثال اعتقاد بأن انقطاع الطمث الذي يحدث عن المرأة خلال فترة الحمل يؤدي إلى تجمع كل ذلك الدم في الرحم. وحين تضع المرأة مولودها وتفقد ليترين أو ثلاثة ليترات من الدم فهذا أمرٌ طبيعي، وذلك لأنه كان متجمعاً في رحمها. أما في الواقع فإن النزف الشديد يؤدي إلىى الدخول في صدمة والحاجة إلى رعاية طارئة. لكن ذلك المجتمع لم يكن واعياً بأن الدم يعتبر علامة إنذارية وليس ظاهرة طبيعية
كيف تعمل منظمة أطباء بلا حدود مع النساء اللواتي أصبن بإعاقة نتيجة مضاعفات صحية إنجابية؟
يمكن للناجيات من العنف الجنسي الحصول على كل الاستشارات التي يرغبن بها مع أخصائيي علم النفس، غير أن معظمهن لا يعدن سوى مرة واحدة أو قد لا يعدن على الإطلاق، وذلك لأنهن يقمن في مناطق بعيدة أو لا يعتبرن هذا الأمر أولوية، بالرغم من أن اضطراب التوتر التالي للصدمة يعتبر حالة مقعدة. كما تقدم المنظمة للمريضات المصابات بناسور الولادة خدمات التخطيط الأسري التي يفضل أن تعتمد على مناهج تحقق نتائج تدوم طويلاً، إذ يستغرق شفاء الندب فترة طويلة ولهذا ينبغي أن تتجنب النساء الحمل خلال العام الأول الذي يتلو العملية الجراحية. كما نتحدث إلى أزواجهن حول أهمية التخطيط الأسري وعدم ممارسة الجنس خلال الأشهر الأولى. لدينا في مصر مشروع يركز على المهاجرين نقدم من خلاله المساعدات للناجيات من العنف الجنسي، ونعتمد فيه على مقاربة شاملة تسمح للمرضى بالحصول على الرعاية الطبية والعلاج النفسي والعلاج الطبيعي للتعامل مع الألم المستمر. كنا قد تعاونّا أيضاً مع منظمة هيومانيتي أند إنكلوجن [المعروفة سابقاً باسم هانديكاب إنترناشيونال] وهي منظمة غير حكومية متخصصة في مساعدة السكان المستضعفين وتحديداً ذوي الإعاقة في سياقات الطوارئ وإعادة الإعمار والأزمات المزمنة والمناطق النامية] من أجل توفير العلاج الطبيعي. لكن في المقابل، لدينا سياقات لا تستطيع فيها منظمة أطباء بلا حدود أن تقدم الكثير للمرضى الذين يتركون مستشفياتنا ولديهم إعاقة
يمكن للعنف الجنسي أن يخلف عواقب مسببة للإعاقة، غير أن ذوي الإعاقة وتحديداً النساء والفتيات أكثر عرضة للعنف والاعتداء. هل تقدم منظمة أطباء بلا حدود الرعاية لهم أيضاً؟
كنت قد عالجت في أفغانستان مريضات مصابات بالشلل نتيجة لشلل الأطفال والاعتداءات الجنسية. كما رأيت في جمهورية الكونغو الديمقراطية امرأة حامل كانت قد فقدت ذراعها في هجوم عنيف. قابلت أيضاً نساء حوامل يعانين من إعاقات عقلية. ودائماً ما نتسائل في مثل هذه الحالات عما إذا كن قد وافقن أساساً على هذا. فجوابي على السؤال هو نعم، نقدم الرعاية لهؤلاء النساء والفتيات المستضعفات إلى حد بعيد. فهن يحصلن على رعاية طبية لا تختلف عما نقدمه لباقي المرضى. ثمة أيضاً هنا رابط هام يتعلق بالوضع الهش والضعيف الذي تعيشه النساء بشكل عام في السياقات التي نعمل فيها. إذ تنتشر في بعض هذه البلدان المقايضة بالجنس، أي ممارسة الجنس مقابل الحماية أو الغذاء أو المال. وهذا ما يؤدي إلى نشر وباء فيروس نقص المناعة البشرية بين النساء، حيث نرى نساءً مصابات بالفيروس في جميع وحدات رعاية الأمومة التي نديرها في بلدان إفريقيا جنوب الصحراء
ما هي أشكال الرعاية التي نقدمها للمريضات المصابات بفيروس نقص المناعة البشرية؟
الأهم هو أن نبدأ بعلاج المرأة بمضادات الفيروسات في أبكر مرحلة ممكنة من الحمل، حيث أن خفض مستوى ’الحمل الفيروسي‘ الذي يشير إلى كمية فيروسات نقص المناعة البشرية في الدم، أو إيصاله إلى مستوى لا يمكن كشفه، يساعد في تقليل مخاطر إصابة المولود بالفيروس إلى أقل من خمسة بالمئة، وحتى إلى أقل من واحد بالمئة في الظروف المثالية. لكن يتعين على المرأة أن تستمر في العلاج بعد الولادة حفاظاً على صحتها، كما ينبغي علينا الاستمرار في علاج الطفل خلال مرحلة الرضاعة التي يمكن أن ينتقل خلالها الفيروس عن طريق حليب الأم. لكن للأسف، نجد أن الكثير من النساء في بعض المناطق مثل جمهورية إفريقيا الوسطى لا يخضعن لفحوصات الكشف على الفيروس في إطار الرعاية الحملية ولا يكتشفن إصابتهن من عدمها إلا حين يأتين إلى عيادتنا لوضع مواليدهن. مع هذا فإننا نعطيهن قرصاً من مضادات الفيروسات قبل الولادة، لكن هذا ليس بالوضع المثالي، حيث يكون الأوان قد فات على تقديم هذه المضادات في إطار علاج يهدف إلى منع انتقال الفيروس إلى الطفل. وفي مثل هذه الحالات تكون الفرصة قد ضاعت وترتفع جداً احتمالات إصابة الطفل، علماً أن علاج المواليد المصابين بالفيروس عملية معقدة للغاية. كما أن معظم الأطفال الذين يصابون بالفيروس عن طريق إماتهم ولا يحصلون على العلاج المناسب، يفارقون الحياة قبل أن يكملوا عامهم الثاني
هل لديك أية نصائح لأطباء بلا حدود حول كيفية الوقاية من الإعاقات المرتبطة بالمضاعفات الصحية الإنجابية وعلاجها؟ وما الذي يمكننا تحسينه لإدماج ذوي الإعاقة في عملياتنا؟
نُجيد في مستشفياتنا الوقاية من ناسور الولادة وغيره من المضاعفات معتمدين على إمكانية إجراء العمليات القيصرية في الوقت المناسب. لكن يصعب جداً التحكم في ما يحدث خارج مستشفياتنا. فهناك عوامل عديدة خارج نطاق سيطرتنا تشمل مستوى التعليم بين النساء وعائلاتهن، إذ كلما تدنى المستوى التعليمي كلما زادت مخاطر الإصابة بناسور الولادة وغيره من المضاعفات. أعتقد أن في وسع منظمة أطباء بلا حدود تحسين أنشطة التوعية الصحية. قد لا تكون كل تلك الأنشطة فعالة غير أنها تسهم في تعزيز الرعاية الصحية الأولية وتقوّي روابطنا مع المجتمعات. تجدنا في العديد من المشاريع نبذل جهوداً كبيرة لإبقاء الخدج على قيد الحياة، لكننا لا نقدم لهم أي علاج طبيعي أو دعم على صعيد التغذية حتى لو خرجوا من المستشفى بصحة جيدة. فنحن نعطي الأم مولوداً لديه احتياجات خاصة ونعتبر بقاءه على قيد الحياة نجاحاً، لكننا لا نقدم للأسرة أية وسائل تساعد في تلبية هذه الاحتياجات. وهنا يمكن للمنظمة أن تدخل تحسينات هائلة. يمكن لأطباء بلا حدود أن تمنح ايضاً مساحة أكبر للعاملين الطبيين والإنسانيين الشجعان من ذوي الإعاقة، والذين يسعون إلى حياة هادفة رغم إعاقتهم. فإدماجهم سيقدم رسالة قوية إلى العاملين الدوليين والمحليين تقول: يمكنكم أن تحققوا ما تشاؤونه في الحياة
أكلمت د. سيفيرين كالويرتس تعليمها سنة 2007 في وطنها بلجيكا وأصبحت أخصائية في النسائية والتوليد. قضت خلال مرحلة الاختصاص عاماً في جنوب إفريقيا حيث قدمت الرعاية لأعداد كبيرة من النساء المصابات بفيروس نقص المناعة البشرية. كما شاركت بعد أن أكملت اختصاصها في دورة طبية لمدة ستة أشهر حول الأمراض المدارية، ثم انضمت عام 2008 إلى طواقم أطباء بلا حدود في سيراليون التي عادت إليها فيما بعد أكثر من مرة. عملت أيضاً في جمهورية الكونغو الديمقراطية والنيجر وبوروندي وباكستان وأفغانستان ضمن مشاريع صحة الأمومة التابعة لمنظمة أطباء بلا حدود. تعمل في الفترات التي تفصل بين مهماتها في بلجيكا حيث تقدم الرعاية للنساء الحوامل المصابات بالفيروس، كما أنها تسهم في تدريس طلاب الطب والقابلات. يشار إلى أن د. سيفيرين كالويرتس من ضمن القائمة المرجعية لأطباء وطبيبات النسائية في المنظمة
لقد عدّى بالكاد منتصف الليل وها أنا مستلقية في خيمتي أستمع للأغاني وأصوات الضحكات. كانت مريضاتي اللواتي يعانين من ناسور الولادة يشتكين اليوم من قلة النوم، لكن ما كان مني سوى أن ابتسمت وطلبت منهن أن يأوين إلى الفراش مبكراً. الحقيقة أن ثمة رابطة أخوية قوية تجمع بين النساء هنا لتكون عائلة لا مثيل لها. فهنّ يحتلفن كل ليلة حتى ساعات الفجر بأنهن قد التقين بمثيلاتهن وعثرن على أمل بالشفاء. تجدهن يستمتعن بهذا الإحساس الجديد... الإحساس بالانتماء والقبول. لا تسعفني الكلمات في التعبير عن هذه الرابطة الأخوية ووصفها، لكنها من أجمل الأشياء التي رأيتها في حياتي.
تشغل هؤلاء النساء مساحة صغيرة من المستشفى يحيط بها سياج كبير ونطلق عليها اسم "قرية ناسور الولادة". فيها أربع خيام كبيرة تسكنها 50 إلى 60 مريضة ويتوسطها مبنى تقيم فيه النساء في مرحلة التعافي من العمليات الجراحية. تحكي لنا جميع النساء قصصاً متشابهة، فقد نجون جميعهن من ولادات عسيرة وقاسية، فقد فقدن أو كدن يفقدن مواليدهن. لكنهن خرجن من هذه الصدمات بجروح وأصبحن غير قادران على التحكم في خروج البول أو البراز، أو كلاهما. نبذتهن عائلاتهن ومجتمعاتهن، ولهذا يعشن في عزلةٍ وحرمان منذ ذلك الحين.
تعاني حوالي 60,000 امرأة في جنوب السودان من ناسور الولادة الذي ينجم عن أصابات تعرضن لها خلال الولادة. والناسور عبارة عن اتصال شاذ بين جوفين. أما ناسور الولادة تحديداً، فهو يصل بين المهبل والمستقيم أو بين المهبل المثانة. تؤدي التقلصات خلال الولادة الطبيعية إلى توسع عنق الرحم وخروج الجنين، إلا أنها لا تكون في بعض الأحيان قويةً بما فيه الكفاية أو يكون عنق الرح ضيقاً جداً بحيث لا يمكن للجنين العبور. لكن استمرار المخاض والضغط لمدة أيام يؤدي إلى موت النسج الرخوة التي تنضغط بين رأس الجنين وعظم الحوض، كما أن الجنين يفارق الحياة في معظم الحالات. ويمكن أن تصاب المرأة في الحالات الشديدة بناسورين أو ثلاثة نواسير. يشار إلى أن آخر حالة من ناسور الولادة سجلت في أوروبا عام 1943. ومنذ ذلك الحين لم يعد له وجود في العالم الغربي بفضل الرعاية المناسبة وإمكانية إجراء العمليات القيصرية. أما في جنوب السودان فلا تزال هناك نساءٌ كثيرات يعشن في ظل وصمة العار ويعانين من مشكلة مسببة للإعاقة، وهذا نتجة غياب الرعاية الأساسية اللازمة عند الحمل والولادة. فمعظم النساء يضعن مواليدهن في البيت، دون أية عناية طبية. يشار إلى أن الأمهات الجدد هن أكثر النساء عرضةً لهذه المشكلة
وحين يحدث ثقب يصل بين المثانة والمهبل، فإن المرأة لا تعود قادرة على التحكم بخروج البول نظراً لغياب العضلات ضمن هذا الاتصال الشاذ. وبالتالي فإن البول يتسرب إلى الخارج بمجرد أن يتكون في الجسم. ولهذا تشرب المريضات كميات أقل من الماء تجنباً لهذا الوضع. لكن إنتاج كميات أقل من البول يؤدي إلى اشتداد رائحته. تكون الرائحة لا تحتمل خلال الأيام الأولى في قرية ناسور الولادة. ولهذا يتعين على جميع المريضات القادمات حديثاً شرب كميات كبير من الماء تصل إلى خمسة ليترات يومياً. هنا تخف الرائحة، لكن البلل يعمّ المكان وينبغي توخي الحذر عند الجلوس، إذ يمكن أن تكون هناك بقعة من البول
قبل وصولي إلى جنوب السودان بأشهر، كان زملائي من الطواقم المحلية يتنقلون من مكان إلى آخر بحثاً عن نساء يعانين من ناسور الولادة. فقد فتشوا القرى والأكواخ بحثاً عن نساء يعانين من أعراض الناسور، وقد اكتشفوا حوالي 80 حالة محتملة في منطقة تعتبر صغيرة نسبياً. يصعب في البداية العثور على هؤلاء النساء لأنهن يعشن في الخفاء ولا أحد يتحدث عنهن. لكن ما أن يدركن إمكانية حصولهن على المساعدة فإنهن يخرجن من مخبأهن ويبدأن بالحديث عما جرى لهن
أصيبت العديد من هؤلاء النساء بالناسور خلال وضعهن مولودهنّ الأول، علماً أن الزواج وإنجاب الأطفال يعد أمراً اساسياً في ثقافة وتقاليد جنوب السودان. وبالتالي كانت معظم المريضات قد تزوجن في أعمار صغيرة جداً ولم يحصلن على أية رعاية طبية خلال حملهن، إضافةً إلى غياب أي إمكانية لتأمين المساعدة خلال الولادة. إذ تضع الأمهات مواليدهن في البيت، بمساعدة امرأة محلية ليس إلا. وقد تحدثت لنا مريضاتنا عن ولاداتهن المضنية التي استمرت أربعة وخمسة بل وعشرة أيام. تفارق أعداد لا تُعرَف من الأمهات الشابات الحياة، كما أن أكثر من نصف النساء اللواتي يصبن بناسور الولادة جراء المخاض الطويل لن يتمكنّ من الحمل مرة أخرى، حتى بعد الخضوع لعمليات جراحية. والنتيجة تكون الطلاق والعزلة بالنسبة للكثيرات. ففي بلد مثل جنوب السودان، يعتبر الانتماء إلى مجموعة مسألة حياة أو موت. والنساء اللواتي تنبذهن عائلاتهن ومجتمعاتهن يصبحن في وضع هش وضعيف للغاية. لكن لا توجد إحصائيات تبين كم منهن يفارقن الحياة انتحاراً أو نتيجة لعواقب أخرى غير مباشرة لهذه الإصابة
لكن هل يمكن الوقاية من ناسور الولادة والحؤول دون وقوع المعاناة التي يؤدي إليها؟ يعتبر توفر الرعاية الصحية المناسبة والعمليات القيصرية أمراً أساسياً لا غنى عنه لهذا. إذ يمكن للخدمات الطبية المناسبة والكافية أن تخفف من مخاطر الناسور حتى بعد مخاض طويل. كما أن شدة الإصابة تحدد حاجة المرأة إلى قسطرة بولية لمدة تتراوح بين أسبوعين إلى ستة أسابيع بعد الولادة كي تسمح بتعافي وشفاء النسج المتضررة والحؤول دون تشكل اتصال شاذ. يشار إلى أن منظمة أطباء بلا حدود تقدم مثل هذه الرعاية للنساء بعد عمليات إصلاح الناسور. وهذا يعني أن على جميع مريضاتنا حمل دلوين كبيرين، أحدهما لشرب الماء والآخر للبول
أخبرني زميل لي مرةً أنه رأى عديداً من هؤلاء النساء في السوق المحلي. شعرت وقتها بالفرح والفخر يغمراني. كما أحسست بالأمل، لأن هؤلاء النساء تجرأن على الخروج علناً. ذهبنا معاً في اليوم التالي إلى السوق وقمت بدعوتهن إلى تناول فنجان من الشاي. كنا نحتفل بالشجاعة في جلسة قدمت أسلوباً مثالياً في التوعية على مستوى المجتمع
يمكن الوقاية من ناسور الولادة، إلا أنه لا يزال يصيب ملايين النساء المستضعفات اللواتي يعشن في ظروف هشة. كما يمكن إصلاح الناسور، غير أن العمليات معقدة ولا يتقنها سوء قلة من الجراحين. وبما أن العالم الغربي قد تخلص من هذه المشكلة، لهذا لا يتدرب الأطباء على علاج الناسور. لكن بعض مستشفات القارة الإفريقية تدرب الجراحين على إجراء هذه العمليات، إلا أن العلاج لا يزال مكلفاً جداً ويستدعي المكوث في المستشفى لأوقات طويلة. والأهم من هذا أنه يتطلب جهوداً واعية وواسعة لكشف النساء المصابات بناسور الولادة وإبراز وجودهن
أجوك فتاة مرحة تهوى الرقص عمرها 17 عاماً ولا تفارق البسمة وجهها. حملت قبل سنة ونصف بطفلها الأول وكانت متحمسة ومستعدة لاستقبال معجزة الحياة. لكن لم تسر الأمور كما يجب، فقد امتد مخاضها أياماً دون أن يخرج جنينها الذي كانت تقل حركته وتضعف إلى أن توقفت. وخوفاً على حياة أجوك، فقد استدعت أسرتها معالجاً تقليدياً تعتقد بأنه يملك قوى خارقة. أزال هذا المعالج الطفل الميت وأنقذ حياة الأم، لكن الأذى الذي لحق بعنق رحمها كان بالغاً. فقد أصيبت أجوك بثلاثة نواسير أحدها في المستقيم واثنان في المثانة. وكان البول والبراز يتسربان إلى الخارج طيلة الوقت. لكنها مع ذلك كانت من بين قلة محظوظات حين استقبلتها العائلة الجدية بعد أن طلقها زوجها ونبذها المجتمع خوفاً من أن يكون فيها مسٌّ من الشيطان. ومنذ ذلك الحين وعائلتها الجديدة تعتني ب
التقيت بأجوك لأول مرة حين كانت تتحضر لعمليتها الثانية بعد أن كانت قد خضعت قبل ستة أشهر للعملية الأولى التي قام الأطباء خلالها بإغلاق واحد من الناسوريين الموجودين في مثانتها. بقي لديها ناسوران وكان التسرب لا يزال مستمراً والوضع سيئاً لدرجة أن أطباء بلا حدود أعادتها وبرفقتها سرير خاص عادةً ما يستخدم لعلاج مرضى الكوليرا، حيث يحتوي في وسطه على ثقب يسمح لها أن تنام دون أن تغرق في بولها وبرازها. لا أزال أذكر الابتسامة التي علت وجه أجوك حين عادت إلى قرية ناسور الولادة حاملةً سريرها وهي تأمل أنها لن تحتاج إليه لوقت طويل. قمنا في العملية الثانية بإغلاق الناسور الذي يربط بين المستقيم والمهبل. كانت تلك العملية أبسط وكان بوسع أجوك العودة بعد أسبوع واحد من إجرائها. لن أراها إلا بعد مرور ستة أشهر حين تعود لإجراء عمليتها الأخيرة
تعلم أجوك أن عليها إبقاء القسطرة البولية لمدة خمسة أسابيع بعد العملية، لكنها كانت قد أصبحت قادرة على إزالتها بنفسها بعد أن قضت تلك الفترة الطويلة في القرية. وفي ليلة العملية، تناولت الأدوات الطبية اللازمة سراً ونزعتها بنفسها. لم أر في حياتي أحداً يرقص ويبتسم مثلها وهي تغادر المرحاض. فقد كانت ولأول مرة منذ سنتين بحاجة إليه حقاً
References
المراجع
1.
منظمة الصحة العالمية، جنيف. العمل للتغلب على الأثر العالمي للأمراض المدارية – أول تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية حول الأمراض المدارية المهملة. 2010 https://www.who.int/neglected_diseases/2010report/en/ آخر دخول في 25 فبراير/شباط 2020.
2.
هيريكس جيه آر، هوتيز بي جيه، وانغا في، كوفينغ إل إي، هاغسما جيه إيه، وآخرون. (2017) الأعباء العالمية للأمراض – دراسة صادرة عام 2013 بعنوان: ما الذي تعنيه الأمراض المدارية المهملة؟ مجلة ’بلوس‘ للأمراض المدارية المهلمة. 11(8): e0005424. https://doi.org/10.1371/journal.pntd.0005424
3.
بيكادو إيه، ناغارو إس، كروز آي، بييلر إس، روكشتول إل، باستوف جيه، ندونغو جيه إم (2019). الحصول على تشخيص عاجل: الحلقة المفقودة في الوقاية من اضطرابات الصحة النفسية المترافقة بالأمراض المدارية المهملة. مجلة ’بلوس‘ للأمراض المدارية المهلمة. 13(10): e0007679. https://doi.org/10.1371/journal.pntd.0007679
4.
https://www.who.int/topics/disabilities/en/ آخر دخول في 27 فبراير/شباط 2020.
5.
سليمان إس إتش، وادايلا إي إس، فاهال إيه إتش (2016). العلاج الجراحي للورم الفطري. مجلة ’بلوس‘ للأمراض المدارية المهلمة. 10(6): e0004690. doi: 10.1371/journal.pntd.0004690
6.
ليسا إم إم، ليسا إتش إيه، كاسترو تي دبليو إن، أوليفييرا إيه، شيريفر إيه، وآخرون. (2007) الليشمانيا المخاطية: الجوانب الوبائية والسريرية. المجلة البرازيلية لطب الأنف والأذن والحنجرة 73(6): 843 - 847.
7.
غاراباتي بي، بال بي، صديقي إن إيه، بيمال إس، براديب داس، مورتي كي، باندي كي (2018) المعرفة، وصمة العار، السلويات الصحية ومحدداتها بين المرضى المصابين بالليشمانيا الجلدية التالية للكالازار في ولاية بيهار، الهند. مجلة ’بلوس وان‘. 13(9): e0203407.
8.
شينوي آر كي (2008) الجوانب السريرية والمرضية لداء الفيلاريات اللمفي وعلاجها. مجلة علم الطفيليات الكورية. 46(3): 119 – 125. doi: 10.3347/kjp.2008.46.3.119
9.
رالينسون دي (2009) يصحة تنبيه بخصوص داء البلهارسيات في المجاري البولية: تعزيز الجهود البحثية في مواجهة الاحتياجات الصحية العامة. مجلة علم الطفيليات. 136: 1593 – 1610. doi:10.1017/S0031182009990552
10.
كينغ سي إتش (2018) تحديد الأعباء المغفلة للعقم المرتبط بداء البلهارسيات في المجاري البولية. مجلة الجمعية الأمريكية لطب الأمراض المدارية والصحة. 98(4): 937 – 938. doi: 10.4269/ajtmh.17-1016
11.
كوليبوندرس آر، نجامنشي إيه كي، أويجن إم في، موكيندي دي، كاشاما جيه إم، وآخرون. (2017) الصرع المترافق بداء كلابية الذنب (الأنكوسركية): من الموجودات الوبائية والسريرية الراهنة إلى الآثار المترتبة على السياسات. مجلة الصرع العامة. 2(2): 145 – 152، 2017. doi: 10.1002/epi4.12054
12.
إزياماما إيه إي، بوستيندوي إيه إل، نكواتا إيه كي، مارتينيز إل، بابالان إن، وآخرون. (2018) العجز المعرفي والخسارة التعليمية لدى الأطفال المصابين بداء البلهارسيات – مراجعة منهجية وتحليلي تلوي. مجلة ’بلوس‘ للأمراض المدارية المهلمة 12(1): e0005524. https://doi.org/10.1371/journal.pntd.0005524
13.
دين إل، تولهورست آر، نالو جي، كولي كي، بيتي إيه، تيوبالد إس (2019). الأمراض المدارية المهملة بوصفها ’إعاقة للسيرة الذاتية‘: الاستماع إلى روايات الأشخاص المتضررين من أجل تطوير رعاية تركز على الناس في ليبيريا. مجلة ’بلوس‘ للأمراض المدارية المهلمة 13(9): e0007710. https://doi.org/10.1371/journal.pntd.0007710
14.
ليت إي، بيكر إم سي، مولينو دي (2012). الأمراض المدارية المهملة والصحة النفسية: من منظور الاعتلال المشترك. مجلة اتجاهات في علم الطفيليات. 28(5). doi:10.1016/j.pt.2012.03.001
15.
حملة توفير الأدوية الأساسية ومجموعة عمل مبادرة مكافحة الأمراض المهملة. اختلال توازن فتاك: أزمة بحث وتطوير أدوية للأمراض المهملة. 2001. https://www.dndi.org/wp-content/uploads/2009/03/fatal_imbalance_2001.pdf آخر دخول في 25 فبراير/شباط 2020.
16.
بيدريك بي، ستروب-فورغافت إن، سومي سي، أوليارو بي، ترولييه بي، وآخرون. لمحة عامة عن أدوية ولقاحات الأمراض المهملة (2000 – 2011): تقييم منهجي. مجلة لانسيت الصحية العالمية. 6(13): 371 – 397. https://doi.org/10.1016/S2214-109X(13)70078-0
17.
https://www.who.int/neglected_diseases/news/Chagas-Preventing-mother-to-child-transmission/en/ آخر دخول في 27 فبراير/شباط 2020
18.
https://www.un.org/sustainabledevelopment/sustainable-development-goals/ آخر دخول في 27 فبراير/شباط 2020
ما هي الإعاقات الخفية؟
يشير مصطلح "الأشخاص ذوي الإعاقة" إلى الأشخاص الذين لديهم إعاقات جسدية أو عقلية أو ذهنية أو حسية قد تحول، بوجود عوائق مختلفة، دون إسهامهم الكامل والفاعل في المجتمع على قدم المساواة مع الآخرين [1] . والإعاقات الخفية عبارة عن مشاكل تعرقل الوظائف اليومية لكنها ليست واضحة بشكل مباشر للآخرين [2] . وتشير أرقام منظمة الصحة العالمية إلى أن 15 بالمئة من سكان العالم لديهم شكل ما من أشكال الإعاقة، علماً أن معظم ذوي الإعاقة ليسوا بحاجة إلى كرسي متحرك أو أي شكل من أشكال الدعم الذي قد يدل على إعاقتهم.
:فيما يلي بعض الأمثلة عن الإعاقات الخفية
الأمراض المزمنة التي تسبب الإعاقة (مثل فيروس نقص المناعة البشرية والربو والسكري).
عواقب المضاعفات الشديدة في إطار الصحة الإنجابية (ناسور الولادة)
بعض الأمراض القلبية الوعائية.
المشاكل العصبية (مثل الصرع).
فقدان البصر والإعاقات البصرية.
الأمراض العقلية التي من شأنها أن تسبب الإعاقة (القلق، الاكتئاب، الاضطراب ثنائي القطب)
إعاقات التعلم (عسر القراءة)
اضطراب قصور الانتباه المقترن بفرط النشاط
كيف نعالج طبياً الأشخاص ذوي الإعاقات الخفية؟
قد يصعب التعرف على الإعاقات الخفية وتشخيصها، مما يجعل من علاجها عملية مليئة بالتحديات. فغالباً ما تُصنَّف هذه الحالات بشكل خاطئ ويتم إهمالها، لكن يمكن معالجة تجلياتها البدنية بمساعدة الطبيب أو المرشد النفسي وبالاعتماد على الأدوية المناسبة. وفي ظل وصمة العار والإقصاء اللذين يرافقان هذه الحالات، فقد يحصل العديد من ذوي الإعاقات الخفية على العلاج الخاطئ الذي يركز على "شفاء" الشخص بدلاً من تلبية احتياجاته الطبية والاجتماعية وتحسين جودة حياته [3] . وما هذا إلا نتيجة للمعلومات المغلوطة والتصورات الخاطئة التي نشهدها في العديد من المجتمعات التي تنظر إلى الإعاقات على أنها مرض أو عبء.
ما هي التحديات في هذا الخصوص؟
يواجه ذوو الإعاقات الخفية تحديات عديدة من أهمها غياب الفهم لهذه الحالات وعدم
تشخيصها في الوقت المناسب. فحين لا تكون علامات الإعاقة واضحة أو لا تتظاهر الأعراض إلا أحياناً أو تتطلب الحالة تشخيصاً مستفيضاً ومكلفاً، عندها يصعب شرح وتبرير بعض احتياجات هؤلاء الأشخاص الذين قد يعانون في صمت ودون علم الآخرين. كما يواجه الكثير مصاعب جمة قبل أن يتم الإقرار بإعاقاتهم، إذ يغلب أن تُعتبر هذه الحالات الخفية مؤقتة أو قد تكون مرفوضة كلياً. ولهذا فإن الوضع الخفي للإعاقة، إضافةً إلى قلة المعلومات حول أسبابها وطبيعتها، قد يؤديان إلى وصمة عار شديدة، وهذا بالتالي قد يصعب الحصول على الخدمات الصحية أو المشاركة على قدم المساواة في المجتمع [4] . إذ يمكن أن يُحرم ذوو الإعاقات الخفية من استقلاليتهم كما قد يوصف بعضهم على أنهم معتلون عقلياً أو يوضعون في مصحات أو يتعرضون للتعقيم/الإعقام القسري [5]. لكن حتى لو أقر المجتمع بهذه الإعاقات، إلا أن الأشخاص قد يتعرضون للإقصاء، خاصةً وأن كثيراً من المجتمعات تنظر إلى الإعاقة على أنها مرادف لغياب القدرة: القدرة على الاستقلالية، والقدرة على العمل وكسب الرزق، والقدرة على أن يكون المرء فرداً منتجاً في المجتمع.
كيف يندرج علاج الأشخاص ذوي الإعاقات الخفية ضمن نطاق عمل أطباء بلا حدود؟
تقدم فرقنا الرعاية الطبية للمرضى ذوي الإعاقات الخفية وكذلك الحالات صعبة التشخيص أو النادرة، علماً أن جزءاً هاماً من هذا العمل يتم في سياقات لا تعترف بهذه الحالات الخفية أو تعتبرها غير موجودة أو تخيُّلية أو أنها تترافق بوصمة عار شديدة.
- نقدم الرعاية للمصابين بالأمراض المزمنة.
- تعالج فرقنا العواقب التي تخلفها المضاعفات الصحية الإنجابية والتي تشمل ناسور الولادة والإجهاض غير الآمن.
- نتصدى لاحتياجات الصحة النفسية بين الناس ونعالج ضحايا التعذيب واللاجئين الذين تلاحقهم الصدمات أو يعيشون في متاهة لا نهاية لها، كما نركز على مقاربة مجتمعية من شأنها القضاء على وصمة العار والسماح بالتواصل مع عدد أكبر من الناس.
ما هو الصرع؟
يعد الصرع أشيع مرض عصبي حيث يصيب نحو 50 مليون إنسان حول العالم [1] . ويتظاهر الصرع على شكل نوبات متكررة قد ترتقي إلى فقدان للوعي أو فقدان السيطرة 2] على وظيفة الأمعاء أو المثان].
كيف يكون الصرع مسبباً للإعاقة؟
قد يؤدي استمرار النوبات إلى صعوبة في الحفاظ على العمل أو القيام بأنشطة الحياة اليومية. إذ قد يواجه المصابون بالصرع صعوبات في التنقل أو الاستحمام أو تناول الطعام [3] دون مساعدة
ما أهمية هذا بالنسبة لأطباء بلا حدود؟
يعيش حوالي 80 بالمئة من المتضررين بالصرع في بلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، علماً أن 75 بالمئة من هؤلاء الناس لا يحصلون على العلاج الذين هم بحاجة إليه[4]. كما أنهم يواجهون وصمة العار نتيجةً للمعلومات المغلوطة والمعتقدات المترسخة التي تربط بين المرض والبلاء أو الاستحواذ من قبل أرواح شريرة أو السحر والشعوذة.
كيف تؤثر وصمة العار في حصول المصابين بالصرع على الرعاية الصحية؟
قد يتعرض الأشخاص المصابون بالصرع لقيود تفرضها أسرهم أو مجتمعاتهم كما قد
يُعزَلون عن العالم الخارجي، حيث يجري تقييد بعضهم بالسلاسل أو الحبال أو يحتجزون خلف أبواب موصدة [5]. وهذه الممارسات تُصعِّب جداً على هؤلاء الناس التفاعل مع الآخرين والحصول على الخدمات الأساسية. لكن حتى في غياب القيود الفعلية، نجد بأن وصمة العار والتمييز لا يزالان يشكلان عائقاً كبيراً أمام حصول هؤلاء الأشخاص على الرعاية الصحية. كما قد يصبح المصابون بالصرع خجولين أو محرجين من طلب المساعدة الطبية التي تعد أمراً ضرورياً لتأمين العلاج الذي يحتاجون إليه لوقف النوبات. وهذا يؤدي إلى حلقة مفرغة، حيث تعيق وصمة العار الحصول على الرعاية، وهذا بدوره يفاقم من الأعراض ويعزز بالتالي من وصمة العار.
يشار إلى أن الأشخاص الذين تتاح لهم خدمات الرعاية الصحية قد يترددون في الإفصاح عن معلومات حول إعاقتهم للآخرين، بمن فيهم الطواقم الطبية، وذلك خوفاً من إطلاق الأحكام بحقهم[6]. ولهذا فإن مساعدة المرضى على الإحساس بالراحة لإطلاعنا على المعلومات المتعلقة بإعاقتهم وإجراء تسهيلات بسيطة لتلبية احتياجاتهم من شأنه أن يقلل إلى حد بعيد العوائق التي تمنعهم من الحصول على الرعاية الصحية.
التسهيلات أمام الأشخاص المصابين بالصرع
لا توجد تسهيلات شاملة للأشخاص المصابين بالصرع، خاصةً وأنه مرض يتنوع بشدة في أعراضه وحدته، لكن لا بد من مناقشة التسهيلات التي يحتاج إليها الفرد، كي نتخذ قراراً حول أفضل سبل الدعم التي تسمح لهم بإنجاز الأمور على أفضل نحو ممكن، كأن نقدم مثلاً إرشادات خطيّة وشفهية للأشخاص الذين يتناولون أدوية من شأنها التأثير على الذاكرة[7] . والأهم من كل هذا إيجاد مساحة آمنة تتيح للمرضى الحديث عن إعاقتهم والتعبير عن احتياجاتهم.
[1], [2] منظمة الصحة العالمية (2019). الصرع.
[3] جامعة أيوا (2007). مؤشر كاتز حول الاستقلالية في أداء أنشطة الحياة اليومية.
[4] منظمة الصحة العالمية (2019). الصرع.
[5] منظمة أطباء بلا حدود (2018) مقاربة مبتكرة لرعاية الصحة النفسية.
[6] توماس، إس. و ناير، أ. (2011). مواجهة وصمة العار المرتبطة بالصرع.
[7] مؤسسة الصرع (2013). التسهيلات المنطقية.
قرحة بورولي عدوى جلدية مزمنة تسبب تقرحات كبيرة يصعب جداً الشفاء منها وقد تؤدي إلى إعاقة بدنية شديدة ودائمة[1] . تصيب بشكل رئيسي الأطفال دون سن الخامسة عشرة والنساء في المجتمعات الريفية الفقيرة التي تعيش على مقربة من مياه بطيئة الحركة أو راكدة كالبحيرات والبرك والمستنقعات[2] . المرض موجود في أكثر من 30 بلداً في إفريقيا وأمريكا الجنوبية ومنطقة غرب المحيط الهادئ. وقد سجلت سنة 2018 ما مجموعه 2,713 إصابة، علماً أن هذا الرقم كان أكبر من الرقم المسجل في السنة السابقة. يشار إلى هذه الإحصائيات لا تعبر عن الأعداد الحقيقية للمرضى، حيث أن 14 بلداً فقط تبلغ منظمة الصحة العالمية بانتظام عن حالات الإصابة.
تنتج قرحة بورولي، مثلها مثل السل والجذام، عن الإصابة بجرثومة المُتَفَطِّرة، التي تعرف في هذه الحالة باسم المتفطّرة المقرِّحة[3] ، علماً أنه لا يمكن لهذه الجرثومة الانتقال من إنسان إلى آخر. وصحيحٌ أن الجرثومة اكتُشِفت[4] في عام 1948، إلا أننا لا نعرف سوى القليل عن طرق انتقالها وآلية ترقي المرض بعد الإصابة.
وفي ظل المعرفة المحدودة حول أصل العدوى، لا تزال بعض المجتمعات تعتقد بأنها تنجم عن لعنة. وهذه المعتقدات تؤدي إلى وصمة عار تحلق بالمرضى الذين يتعرضون أيضاً للإقصاء، وتعد من الأسباب التي تدفع المصابين بهذه القرحة لعدم السعي للحصول على الرعاية الصحية إلا حين يصبحون في مرحلة متقدمة من المرض.
وقد ثبُت أيضاً أن فيروس نقص المناعة البشرية أكثر انتشاراً بين المصابين بقرحة بورولي. ففي الكاميرون مثلاً، نجد أن معدلات الإصابة بالفيروس أعلى 5 إلى 6 مرات بين المصابين بهذه القرحة مقارنةً بباقي الناس. كما أن الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية تزيد من حدة [5] القرحة واستمرارها .
وثمة حاجة إلى تسليط المزيد من الضوء على هذا المرض المهمل وتعزيز جهود الوقاية منه وعلاجه في الوقت المناسب، وذلك من أجل تجنب تشوه الكثير من الناس الضعفاء ومعظمهم أطفال يعيشون في مجتمعات ريفية فقيرة والحؤول دون إصابتهم بإعاقات مستديمة وتعريضهم لحياة من الحرمان.
[1], [2] منظمة أطباء بلا حدود (2012) , نشر التوعية حول قرحة بورولي
[3] منظمة أطباء بلا حدود (2002), منظمة أطباء بلا حدود تفتح مشروع "قرحة بورولي" فالكاميرون
[4] المعهد النرويجي للصحة العامة (2010), قرحة بورولي - دليل للمهنيين الصحيين ؛ المقالة متوفرة فقط باللغة النرويجية
[5] منظمة أطباء بلا حدود (2012) , نشر التوعية حول قرحة بورولي
mobirise.com free website creator
شارك هذه الصفحة